" صفحة رقم ٣١٦ "
) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ). وقيل : الطاغية : عاقر الناقة، والهاء فيه للمبالغة، كرجل راوية، وأهلكوا كلهم لرضاهم بفعله. وقيل : بسبب الفئة الطاغية. واختار الطبري وغيره أن الطاغية هي الصيحة، وترجيح ذلك مقابله سبب الهلاك في ثمود بسبب الهلاك في عاد، وهو قوله :) بِرِيحٍ صَرْصَرٍ (، وتقدّم القول في ) صَرْصَرٍ ( في سورة القمر، ( عَاتِيَةٍ ( : عتت على خزانها فخرجت بغير مقدار، أو على عاد فما قدروا على أن يتستروا منها، أو وصفت بذلك استعارة لشدّة عصفها،
الحاقة :( ٧ ) سخرها عليهم سبع.....
والتسخير هو استعمال الشيء باقتدار عليه. فمعنى ) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ ( : أي أقامها وأدامها، ( سَبْعَ لَيَالٍ ( : بدت عليهم صبح الأربعاء لثمان بقين من شوّال إلى آخر الأربعاء تمام الشهر، ( حُسُوماً (، قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة وأبو عبيدة : تباعاً لم يتخللها انقطاع. وقال الخليل : شؤماً ونحساً. وقال ابن زيد :) حُسُوماً ( جمع حاسم، أي تلك الأيام قطعتهم بالإهلاك، ومنه حسم العلل والحسام. وقال الزمخشري : وإن كان مصدراً، فإما أن ينتصب بفعل مضمر، أي تحسم حسوماً بمعنى تستأصل استئصالاً، أو تكون صفة، كقولك : ذات حسوم، أو تكون مفعولاً له، أي سخرها عليهم للاستئصال. وقرأ السدّي : حسوماً بالفتح : حالاً من الريح، أي سخرها عليهم مستأصلة. وقيل : هي أيام العجز، وهي آخر الشتاء. وأسماؤها : الصين والصنبر والوبر والآمر والمؤتمر والمعلل ومصفى الجمر. وقيل : مكفى الطعن.
( فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا ( : أي في الليالي والأيام، أو في ديارهم، أو في مهاب الريح ؛ احتمالات أظهرها الأول لأنه أقرب ومصرح به. وقرأ أبو نهيك : أعجز، على وزن أفعل، كضبع وأضبع. وحكى الأخفش أنه قرىء : نخيل خاوية خلت أعجازها بلى وفساداً. وقال ابن شجرة : كانت تدخل من أفواههم فتخرج ما في أجوافهم من الحسو من أدبارهم، فصاروا كالنخل الخاوية. وقال يحيى بن سلام : خلت أبدانهم من أرواحهم. وقال ابن جريج : كانوا في سبعة أيام في عذاب، ثم في الثامن ماتوا وألقتهم الريح في البحر،
الحاقة :( ٨ ) فهل ترى لهم.....
فذلك قوله :) فَهَلْ تَرَى لَهُم مّن بَاقِيَةٍ ). وقال ابن الأنباري :) مّن بَاقِيَةٍ ( : أي من باق، والهاء للمبالغة. وقال أيضاً : من فئة باقية. وقيل :) مّن بَاقِيَةٍ ( : من بقاء مصدر جاء على فاعلة كالعاقبة. وقرأ أبو رجاء وطلحة والجحدري والحسن بخلاف عنه ؛
الحاقة :( ٩ ) وجاء فرعون ومن.....
وعاصم في رواية أبان، والنحويان : ومن قبله، بكسر القاف وفتح الباء : أي أجناده وأهل طاعته، وتقول : زيد قبلك : أي فيما يليك من المكان. وكثر استعمال قبلك حتى صار بمنزلة عندك وفي جهتك وما يليك بأي وجه ولي. وقرأ باقي السبعة وأبو جعفر وشيبة والسلمي :) وَمِن قَبْلِهِ (، ظرف زمان : أي الأمم الكافرة التي كانت قبله، كقوم نوح، وقد أشار إلى شيء من حديثه بعد هذا. ) وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ( : قرى قوم لوط. وقرأ الحسن هنا : والمؤتفكة على الإفراد، ( بِالْخَاطِئَةِ ( : أي بالفعلة أو الفعلات الخاطئة، قاله مجاهد ؛ أو بالخطأ، فيكون مصدراً جاء على فاعلة كالعاقبة، قاله الجرجاني.
الحاقة :( ١٠ ) فعصوا رسول ربهم.....
( فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبّهِمْ ( : رسول جنس، وهو من جاءهم من عند الله تعالى، كموسى ولوط عليهما السلام. وقيل : لوط عليه السلام، أعاده على أقرب مذكور، وهو رسول المؤتفكات. وقال الكلبي : موسى عليه السلام، أعاده على الأسبق وهو رسول فرعون. وقيل : رسول بمعنى رسالة، ( رَّابِيَةً ( : أي نامية. قال مجاهد : شديدة، يريد أنها زادت على غيرها من الأخذات، وهي الغرق وقلب المدائن.
الحاقة :( ١١ ) إنا لما طغى.....
( أنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء ( : أي زاد وعلا على أعلى جبل في الدنيا خمس عشرة ذراعاً. قال ابن جبير : طغى على الخزان، كما طغت الريح على خزانها، ( حَمَلْنَاكُمْ ( : أي في أصلاب آبائكم، ( فِى الْجَارِيَةِ ( : هي سفينة نوح عليه السلام، وكثر استعمال الجارية في السفينة، ومنه قوله تعالى :) وَمِنْ ءايَاتِهِ الْجَوَارِ فِى الْبَحْرِ كَالاْعْلَامِ (، وقال الشاعر :
تسعون جارية في بطن جارية
وقال المهدوي : المعنى في السفن الجارية يعني أن ذلك هو على سبيل الامتنان، والمحمولون هم المخاطبون.