" صفحة رقم ٣٢٩ "
المبينة، والعامل فيها لظى، وإن كان عاملاً لما فيه من معنى التلظي، كما عمل العلم في الظرف في قوله :
أنا أبو المنهال بعض الأحيان
أي : المشهور بعض الاحيان، أو على الاختصاص للتهويل، قاله الزمخشري، وكأنه يعني القطع. فالنصب فيها كالرفع فيها، إذا أضمرت هو فتضمر هنا، أعني تدعو، أي حقيقة يخلق الله فيها الكلام كما يخلقه في الأعضاء، قاله ابن عباس وغيره، تدعوهم بأسمائهم وأسماء آبائهم. وقال الزمخشري : وكما خلقه في الشجرة. انتهى، فلم يترك مذهب الاعتزال. وقال الخليل : مجاز عن استدنائها منهم وما توقعه بهم من عذابها. وقال ثعلب : يهلك، تقول العرب : دعا الله، أي أهلكك، وحكاه الخليل عن العرب، قال الشاعر : ليالي يدعوني الهوى فأجيبه
وأعين من أهوى إليّ رواني
وقال آخر : ترفع للعيان وكل فج
طباه الدعى منه والخلاء
ويصف ظليماً وطباه : أي دعاه والهوى، والدعى لا يدعوان حقيقة، ولكنه لما كان فيهما ما يجذب صاراً داعيين مجازاً. وقيل : تدعو، أي خزنة جهنم، أضيف دعاؤهم إليها، ( مَنْ أَدْبَرَ ( عن الحق وتولى،
المعارج :( ١٨ ) وجمع فأوعى
) وَجَمَعَ فَأَوْعَى ( : أي وجمع المال، فجعله في وعاء وكنزه ولم يؤد حق الله فيه، وهذه إشارة إلى كفار أغنياء. وقال الحكيم : كان عبد الله بن حكيم لا يربط كيسه ويقول : سمعت الله يقول :) وَجَمَعَ فَأَوْعَى
المعارج :( ١٩ - ٢١ ) إن الإنسان خلق.....
( إِنَّ الإنسَانَ ( جنس، ولذلك استثنى منه ) إِلاَّ الْمُصَلّينَ ). وقيل : الإشارة إلى الكفار. وقال ثعلب : قال لي محمد بن عبد الله بن طاهر : ما الهلع ؟ فقلت : قد فسره الله تعالى، ولا يكون تفسير أبين من تفسيره، وهو الذي إذا ناله شر أظهر شدة الجزع، وإذا ناله خير بخل به ومنعه الناس. انتهى.
ولما كان شدة الجزع والمنع متمكنة في الإنسان، جعل كأنه خلق محمولاً عليهما كقوله :) خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ (، والخير المال.
المعارج :( ٢٢ - ٢٣ ) إلا المصلين
) إِلاَّ الْمُصَلّينَ ( : استثناء كما قلنا من الإنسان، ولذلك وصفهم بما وصفهم به من الصبر على المكاره والصفات الجميلة التي حاوروها. وقرأ الجمهور :) عَلَى صَلاَتِهِمْ ( بالإفراد ؛ والحسن جمعاً ؛ وديمومتها، قال الجمهور : المواظبة عليها. وقال ابن مسعود : صلاتها لوقتها. وقال عقبة بن عامر : يقرون فيها ولا يلتفتون يميناً ولا شمالاً، ومنه المال الدائم. وقال الزمخشري : دوامهم عليها أن يواظبوا على أدائها ولا يشتغلون عنها بشيء، ومحافظتهم عليها أن يراعوا إسباغ الوضوء لها ومواقيتها ويقيموا أركانها ويكملوها بسننها وأدائها ويحفظونها من الإحباط باقتران المآثم، والدوام يرجع إلى أنفس الصلوات والمحافظة على أحوالها. انتهى، وهو جوابه لسؤاله : فإن قلت : كيف قال :) عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ (،
المعارج :( ٣٣ - ٣٤ ) والذين هم بشهاداتهم.....
ثم قال :) عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ). وأقول : إن الديمومة على الشيء والمحافظة عليه شيء واحد، لكنه لما كانت الصلاة هي عمود الإسلام بولغ في التوكيد فيها، فذكرت أول خصال الإسلام المذكورة في هذه السورة وآخرها، ليعلم مرتبتها في الأركان التي بني الإسلام عليها، والصفات التي بعد هذه تقدم تفسيرها، ومعظمها في سورة قد أفلح المؤمنون. وقرأ الجمهور : بشهادتهم على الإفراد ؛ والسلمي وأبو عمر وحفص : على الجمع.
قوله عز وجل :) فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشّمَالِ عِزِينَ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِىء مّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مّمَّا يَعْلَمُونَ فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ عَلَى أَن نُّبَدّلَ خَيْراً مّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّى يُلَاقُواْ يَوْمَهُمُ الَّذِى يُوعَدُونَ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الاْجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِى كَانُواْ يُوعَدُونَ ).
المعارج :( ٣٦ ) فمال الذين كفروا.....
كان رسول الله ( ﷺ ) ) يصلي عند الكعبة ويقرأ


الصفحة التالية
Icon