" صفحة رقم ٣٣٧ "
وأبو عمرو : خطاياهم جمع تكسير، وهذا إخبار من الله تعالى للرسول عليه الصلاة والسلام بأن دعوة نوح عليه السلام قد أجيبت. وما زائدة للتوكيد ؛ ومن، قال ابن عطية : لابتداء الغاية، ولا يظهر إلا أنها للسبب. وقرأ عبد الله : من خطيئاتهم ما أغرقوا، بزيادة ما بين أغرقوا وخطيئاتهم. وقرأ الجمهور :) أُغْرِقُواْ ( بالهمزة ؛ وزيد بن عليّ : غرقوا بالتشديد وكلاهما للنقل وخطيئاتهم الشرك وما انجر معه من الكبائر، ( فَأُدْخِلُواْ نَاراً ( : أي جهنم، وعبر عن المستقبل بالماضي لتحققه، وعطف بالفاء على إرادة الحكم، أو عبر بالدخول عن عرضهم على النار غدوّاً وعشياً، كما قال :) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا ). قال الزمخشري : أو أريد عذاب القبر. انتهى. وقال الضحاك : كانوا يغرقون من جانب ويحرقون بالنار من جانب.
( فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مّن دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً ( : تعريض بانتفاء قدرة آلهتهم عن نصرهم،
نوح :( ٢٦ - ٢٧ ) وقال نوح رب.....
ودعاء نوح عليه السلام بعد أن أوحى إليه أنه ) لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ ءامَنَ (، قاله قتادة. وعنه أيضاً : ما دعا عليهم إلا بعد أن أخرج الله كل مؤمن من الأصلاب، وأعقم أرحام نسائهم، وهذا لا يظهر لأنه قال :) إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ ( الآية، فقوله :) وَلاَ يَلِدُواْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً ( يدل على أنه لم يعقم أرحام نسائهم، وقاله أيضاً محمد بن كعب والربيع وابن زيد، ولا يظهر كما قلنا، وقد كان قبل ذلك طامعاً في إيمانهم عاطفاً عليهم. وفي الحديث :( أنه ربما ضربه ناس منهم أحياناً حتى يغشى عليه، فإذا أفاق قال : اللهم اغفر لقومي فإنهم لايعلمون ). ودياراً : من ألفاظ العموم التي تستعمل في النفي وما أشبهه، ووزنه فيعال، أصله ديوار، اجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فأدغمت ؛ ويقال : منه دوّار ووزنه فعال، وكلاهما من الدوران، كما قالوا : قيام وقوام، والمعنى معنى أحد. وعن السدّي : من سكن داراً. وقال الزمخشري : وهو فيعال من الدور أو من الدار. انتهى. والدار أيضاً من الدور، وألفها منقلبة عن واو. ) وَلاَ يَلِدُواْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً ( : وصفهم وهم حالة الولادة بما يصيرون إليه من الفجور والكفر.
نوح :( ٢٨ ) رب اغفر لي.....
ولما دعا على الكفار، استغفر للمؤمنين، فبدأ بنفسه ثم بمن وجب برّه عليه، ثم للؤمنين، فكأن هو ووالداه اندرجوا في المؤمنين والمؤمنات. وقرأ الجمهور :) والوالديّ (، والظاهر أنهما أبوه لملك بن متوشلخ وأمه شمخاء بنت أنوش. وقيل : هما آدم وحوّاء. وقرأ ابن جبير والجحدري : ولوالدي بكسر الدال، فأما أن يكون خص أباه الأقرب، أو أراد جميع من ولدوه إلى آدم عليه السلام. وقال ابن عباس : لم يكن لنوح عليه السلام أب ما بينه وبين آدم عليه السلام. وقرأ الحسن بن عليّ ويحيى بن يعمر والنخعي والزهري وزيد بن عليّ : ولولداي تثنية ولد، يعني ساماً وحاماً. ) وَلِوالِدَىَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِىَ (، قال ابن عباس والجمهور : مسجدي ؛ وعن ابن عباس أيضاً : شريعتي، استعار لها بيتاً، كما قالوا : قبة الإسلام وفسطاطه. وقيل : سفينته. وقيل : داره. ) وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ( : دعا لكل مؤمن ومؤمنة في كل أمّة. والتبار : الهلاك.