" صفحة رقم ٣٤٢ "
قال معناه : ما لم يغش محرماً، والمعنى : زادت الإنس الجن مأثماً لأنهم عظموهم فزادوهم استحلالاً لمحارم الله تعالى. وقال قتادة وأبو العالية والربيع وابن زيد :) فَزَادوهُمْ (، أي الجن زادت الإنس مخافة يتخيلون لهم بمنتهى طاقتهم ويغوونهم لما رأوا من خفة أحلامهم، فازدروهم واحتقروهم. وقال ابن جبير :) رَهَقاً ( : كفراً. وقيل : لا يطلق لفظ الرجال على الجن، فالمعنى : وإنه كان رجال من الإنس يعوذون من شر الجن برجال من الإنس، وكان الرجل يقول مثلاً : أعوذ بحذيفة بن اليمان من جن هذا الوادي، وهذا قول غريب.
الجن :( ٧ ) وأنهم ظنوا كما.....
( وَأنَّهُمْ ( : أي كفار الإنس، ( ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ ( أيها الجن، يخاطب به بعضهم بعضاً. وظنوا وظننتم، كل منهما يطلب، ( أَن لَّن يَبْعَثَ (، فالمسألة من باب الإعمال، وإن هي المخففة من الثقيلة. وقيل : الضمير في وأنهم يعود على الجن، والخطاب في ظننتم لقريش، وهذه والتي قبلها هما من الموحى به لا من كلام الجن :) أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً ( : الظاهر أنه بعثة الرسالة إلى الخلق، وهو أنسب لما تقدم من الآي ولما تأخر. وقيل : بعث القيامة.
الجن :( ٨ ) وأنا لمسنا السماء.....
( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء ( : أصل اللمس المس، ثم استعير للتطلب، والمعنى : طلبنا بلوغ السماء لاستماع كلام أهلها فوجدناها ملئت. الظاهر أن وجد هنا بمعنى صادف وأصاب وتعدت إلى واحد، والجملة من ) مُلِئَتْ ( في موضع الحال، وأجيز أن تكون تعدت إلى اثنين، فملئت في موضع المفعول الثاني. وقرأ الأعرج : مليت بالياء دون همز، والجمهور : بالهمز، وشديداً : صفة للحرس على اللفظ لأنه اسم جمع، كما قال :
أخشى رجيلاً أو ركيباً عادياً
ولو لحظ المعنى لقال : شداداً بالجمع. والظاهر أن المراد بالحرس : الملائكة، أي حافظين من أن تقربها الشياطين، وشهباً جمع شهاب، وهو ما يرحم به الشياطين إذا استمعوا. قيل : ويحتمل أن يكون الشهب هم الحرس، وكرر المعنى لما اختلف اللفظ نحو :
وهند أتى من دونها النأي والبعد
وقوله :) فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ ( يدل على أنها كانت قبل ذلك يطرقون السماء ولا يجدونها قد ملئت.
الجن :( ٩ ) وأنا كنا نقعد.....
( مَقَاعِدَ ( جمع مقعد، وقد فسر رسول الله ( ﷺ ) ) صورة قعود الجن أنهم كانوا واحداً فوق واحد، فمتى أحرق الأعلى طلع الذي تحته مكانه، فكانوا يسترقون الكلمة فيلقونها إلى الكهان ويزيدون معها، ثم يزيد الكهان الكلمة مائة كذبة. ) فَمَن يَسْتَمِعِ الاْنَ (، الآن ظرف زمان للحال، ويستمع مستقبل، فاتسع في الظرف واستعمل للاستقبال، كما قال :
سأسعى الآن إذ بلغت اناها
فالمعنى : فمن يقع منه استماع في الزمان الآتي، ( يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً ( : أي يرصده فيحرقه، هذا لمن استمع. وأما السمع فقد انقطع، كما قال تعالى :) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (، والرجم كان في الجاهلية، وذلك مذكور


الصفحة التالية
Icon