" صفحة رقم ٣٦٢ "
مضمر تحدره الأبطال
كأنه القسورة الريبال
أو الرجال الشداد، قال لبيد : إذا ما هتفنا هتفة في ندينا
أتانا الرجال الصائدون القساور
أو ظلمة أول الليل لا ظلمة آخره، قاله ابن الأعرابي وثعلب.
( رَّحِيمٌ يأَيُّهَا الْمُدَّثّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبّكَ فَاصْبِرْ فَإِذَا نُقِرَ فِى النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلاَّ إِنَّهُ كان لاْيَاتِنَا عَنِيداً سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَاذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَاذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لاَ تُبْقِى وَلاَ تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لّلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلَئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لّلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ ءامَنُواْ إِيمَاناً وَلاَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم ).
هذه السورة مكية، قال ابن عطية بإجماع. وفي التحرير، قال مقاتل : إلا آية وهي :) وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً ). ومناسبتها لما قبلها أن في ما قبلها ) ذَرْنِى وَالْمُكَذّبِينَ (، وفيه ) إِنَّ هَاذِهِ تَذْكِرَةٌ (، فناسب ) رَّحِيمٌ يأَيُّهَا الْمُدَّثّرُ قُمْ فَأَنذِرْ (، وناسب ذكر يوم القيامة بعد، وذكر بعض المكذبين في قوله :) ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ).
قال الجمهور : لما فزع من رؤية جبريل على كرسي بين السماء والأرض ورعب منه، رجع إلى خديجة فقال : زملوني دثروني، نزلت ) رَّحِيمٌ يأَيُّهَا الْمُدَّثّرُ ). قال النخعي وقتادة وعائشة : نودي وهو في حال تدثره، فدعى بحال من أحواله. وروي أنه كان تدثر في قطيفة. قيل : وكان يسمع من قريش ما كرهه، فاغتم وتغطى بثوبه مفكراً، فأمر أن لا يدع إنذارهم وإن أسمعوه وآذوه. وقال عكرمة معناه : يا أيها المدثر للنبوة وأثقالها، كما قال في المزمل. وقرأ الجمهور :) الْمُدَّثّرُ ( بشد الدال. وأصله المتدثر فأدغم، وكذا هو في حرف أبي على الأصل. وقرأ عكرمة : بتخفيف الدال، كما قرىء بتخفيف الزاي في المزمل، أي دثر نفسه. وعن عكرمة أيضاً : فتح التاء اسم مفعول، وقال : دثرت هذا الأمر وعصب بك.
المدثر :( ٢ ) قم فأنذر
) قُمْ فَأَنذِرْ ( : أي قم من مضجعك، أو قم بمعنى الأخذ في الشيء، كما تقول : قام زيد يضرب عمراً، أي أخذ، وكما قال :
علام قام يشتمني لئيم
أي أخذ، والمعنى قم قيام تصميم وجد، ( فَأَنذِرْ ( : أي حذر عذاب الله ووقائعه، والإنذار عام بجميع الناس وبعثه إلى الخلق.
المدثر :( ٣ ) وربك فكبر
) وَرَبَّكَ فَكَبّرْ ( : أي فعظم كبرياءه. وقال الزمخشري : واختص ربك بالتكبير، وهو الوصف بالكبرياء، وأن يقال : الله أكبر. انتهى. وهذا على مذهبه من أن تقديم المفعول على الفعل يدل على الاختصاص، قال : ودخلت الفاء لمعنى الشرط، كأنه قيل : وما كان فلا تدع تكبيره. انتهى. وهو قريب مما قدره النحاة في قولك : زيدا فاضرب، قالوا تقديره : تنبه فاضرب زيداً، فالفاء هي جواب الأمر، وهذا الأمر إما مضمن معنى الشرط، وإما الشرط بعده محذوف على الخلاف الذي فيه عند النحاة.
المدثر :( ٤ ) وثيابك فطهر
) وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ ( : الظاهر أنه أمر بتطهير الثياب من النجاسات، لأن


الصفحة التالية
Icon