" صفحة رقم ٤٠٧ "
لأهل الجنة فقال :) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً ( : أي موضع فوز وظفر، حيث زحزحوا عن النار وأدخلوا الجنة. و ) حَدَائِقَ ( بدل من ) مَفَازاً ( وفوزاً، فيكون أبدل الجرم من المعنى على حذف، أي فوز حدائق، أي بها. ) دِهَاقاً (، قال الجمهور : مترعة. وقال مجاهد وابن جبير : متتابعة. وقرأ الجمهور :) وَلاَ كِذباً ( بالتشديد، أي لا يكذب بعضهم بعضاً. وقرأ الكسائي بالتخفيف، كاللفظ الأول في قوله تعالى :) وَكَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كِذَّاباً (، مصدر كذب ومصدر كاذب. قال الزمخشري :) جَزَاء ( : مصدر مؤكد منصوب بمعنى قوله :) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً (، كأنه قال : جازى المتقين بمفاز وعطاء نصب بجزاء نصب المفعول به، أي جزاءهم عطاء. انتهى. وهذا لا يجوز لأنه جعله مصدراً مؤكداً لمضمون الجملة التي هي ) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً (، والمصدر المؤكد لا يعمل، لأنه ليس ينحل بحرف مصدري والفعل، ولا نعلم في ذلك خلافاً.
النبأ :( ٣٦ ) جزاء من ربك.....
وقرأ الجمهور :) حِسَاباً (، وهو صفة لعطاء، أي كافياً من قولهم : أحسبني الشيء : أي كفاني. وقال مجاهد : معنى حساباً هنا بتقسيط على الأعمال، أو دخول الجنة برحمة الله والدرجات فيها على قدر الأعمال، فالحساب هنا بموازنة الأعمال. وقرأ ابن قطيب : حساباً، بفتح الحاء وشد السين. قال ابن جني : بني فعالاً من أفعل، كدراك من أدرك. انتهى، فمعناه محسباً، أي كافياً. وقرأ شريح بن يزيد الحمصي وأبو البرهشيم : بكسر الحاء وشد السين، وهو مصدر مثل كذاب أقيم مقام الصفة، أي إعطاء محسباً، أي كافياً. وقرأ ابن عباس وسراح : حسناً بالنون من الحسن، وحكى عنه المهدوي حسباً بفتح الحاء وسكون السين والباء، نحو قولك : حسبك كذا، أي كافيك.
النبأ :( ٣٧ ) رب السماوات والأرض.....
وقرأ عبد الله وابن أبي إسحاق والأعمش وابن محيصن وابن عامر وعاصم : رب والرحمن بالجر ؛ والأعرج وأبو جعفر وشيبة وأبو عمرو والحرميان برفعهما ؛ والأخوان : رب بالجر، والرحمن بالرفع، وهي قراءة الحسن وابن وثاب والأعمش وابن محيصن بخلاف عنهما في الجر على البدل من ربك، والرحمن صفة أو بدل من رب أو عطف بيان، وهل يكون بدلاً من ربك فيه نظر، لأن البدل الظاهر أنه لا يتكرر فيكون كالصفات، والرفع على إضمار هو رب، أو على الابتداء، وخبره ) لاَّ يَمْلِكُونَ (، والضمير في ) لاَّ يَمْلِكُونَ ( عائد على المشركين، قاله عطاء عن ابن عباس، أي لا يخاطب المشركون الله. أما المؤمنون فيشفعون ويقبل الله ذلك منهم. وقيل : عائد على المؤمنين، أي لا يملكون أن يخاطبوه في أمر من الأمور لعلمهم أن ما يفعله عدل منه. وقيل : عائد على أهل السموات والأرض. والضمير في منه عائد عليه تعالى، والمعنى أنهم لا يملكون من الله أن يخاطبوه في شيء من الثواب. والعقاب خطاب واحد يتصرفون فيه تصرف الملاك، فيزيدون فيه أو ينقصون منه.
النبأ :( ٣٨ ) يوم يقوم الروح.....
والعامل في ) يَوْمٍ ( إما ) لاَّ يَمْلِكُونَ ). وقد تقدم الخلاف في ) الرُّوحُ (، أهو جبريل أم ملك أكبر الملائكة خلقة ؟ أو خلق على صورة بني آدم، أو خلق حفظة على الملائكة، أو أرواح بني آدم، أو القرآن وقيامه، مجاز يعني به ظهور آثاره الكائنة عن تصديقه أو تكذيبه. والظاهر عود الضمير في ) لاَّ يَتَكَلَّمُونَ ( على ) الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ ). وقال ابن عباس : عائد على الناس، فلا يتكلم أحد إلا بإذن منه تعالى. ونطق بالصواب. وقال عكرمة : الصواب : لا إله إلا الله، أي قالها في الدنيا. وقال الزمخشري : هما شريطتان : أن يكون المتكلم منهم مأذوناً لهم في الكلام، وأن يتكلم بالصواب فلا يشفع لغير مرتضى لقوله تعالى :) وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى ). انتهى.
النبأ :( ٣٩ ) ذلك اليوم الحق.....
( ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ ( : أي كيانه ووجوده، ( فَمَن شَاء ( : وعيد وتهديد،
النبأ :( ٤٠ ) إنا أنذرناكم عذابا.....
والخطاب في ) أَنذَرْنَاكُمْ ( لمن حضر النبي ( ﷺ ) )، واندرج فيه من يأتي بعدهم، ( عَذَاباً ( : هو عذاب الآخرة لتحقق وقوعه، وكل آت قريب. ) يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْء ( : عام في المؤمن والكافر. ) مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ( من خير أو شر لقيام الحجة له وعليه. وقال الزمخشري، وقاله قبله عطاء : المرء هو الكافر لقوله :) إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً (، والكافر ظاهر وضع موضع الضمير لزيادة الذم. ومعنى ) مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ( من الشر


الصفحة التالية
Icon