" صفحة رقم ٤١١ "
وقيل : دحاها : سواها، قال زيد بن عمرو : وأسلمت وجهي لمن أسلمت
له الأرض تحمل صخراً ثقالا
دحاها فلما استوت شدّها
بأيد وأرسى عليها الجبالا
الطامّة : الدّاهية التي تطم على الدّواهي، أي تعلو وتغلب. وفي أمثالهم : أجرى الوادي فطمّ على القرى، ويقال : طمّ السيل الركية إذا دفنها، والطم : الدّفن والعلو.
( وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً فَالْمُدَبّراتِ أَمْراً يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ يَقُولُونَ أَءنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى الْحَافِرَةِ أَءذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبّكَ فَتَخْشَى فَأَرَاهُ الاْيَةَ الْكُبْرَى فَكَذَّبَ وَعَصَى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ الاْعْلَى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الاْخِرَةِ وَالاْوْلَى إِنَّ فِى ذَلِكَ لَعِبْرَةً لّمَن يَخْشَى ).
هذه السورة مكية. ولما ذكر في آخر ما قبلها الإنذار بالعذاب يوم القيامة، أقسم في هذه على البعث يوم القيامة. ولما كانت الموصوفات المقسم بها محذوفات وأقيمت صفاتها مقامها، وكان لهذه الصفات تعلقات مختلفة اختلفوا في المراد بها، فقال عبد الله وابن عباس ؛ ) النازعات ( : الملائكة تنزع نفوس بني آدم، و ) وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً ( : إغراقاً، وهي المبالغة في الفعل، أو غرق في جهنم، يعني نفوس الكفار، قاله عليّ وابن عباس. وقال الحسن وقتادة وأبو عبيدة وابن كيسان والأخفش : هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق. وقال السدّي وجماعة : تنزع بالموت إلى ربها، وغرقاً : أي إغراقاً في الصدر. وقال السدي أيضاً : النفوس تحن إلى أوطانها وتنزع إلى مذاهبها، ولها نزع عند الموت. وقال عطاء وعكرمة : القسي أنفسها تنزع بالسهام. وقال عطاء أيضاً : الجماعات النازعات بالقسي وغيرها إغراقاً. وقال مجاهد : المنايا تنزع النفوس. وقيل : النازعات : الوحش تنزع إلى الكلأ، حكاه يحيى بن سلام. وقيل : جعل الغزاة التي تنزع في أعنتها نزعاً تغرق فيه الأعنة لطول أعناقها لأنها عراب، والتي تخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب، قاله في الكشاف.
( وَالنَّاشِطَاتِ (، قال ابن عباس ومجاهد : الملائكة تنشط النفوس عند الموت، أي تخلها وتنشط بأمر الله إلى حيث كان. وقال ابن عباس أيضاً وقتادة والحسن والأخفش : النجوم تنشط من أفق إلى أفق، تذهب وتسير بسرعة. وقال مجاهد أيضاً : المنايا. وقال عطاء : البقر الوحشية وما جرى مجراها من الحيوان الذي ينشط من قطر إلى قطر. وقال ابن عباس أيضاً : النفوس المؤمنة تنشط عند الموت للخروج. وقيل : التي تنشط للإزهاق.
( وَالسَّابِحَاتِ (، قال عليّ ومجاهد : الملائكة تتصرّف في الآفاق بأمر الله، تجيء وتذهب. وقال قتادة والحسن : النجوم تسبح في الأفلاك. وقال أبو روق : الشمس والقمر والليل والنهار. وقال عطاء وجماعة : الخيل، يقال للفرس سابح. وقيل : السحاب لأنها كالعائمة في الهواء. وقيل : الحيتان دواب البحر فما دونها وذلك من عظم المخلوقات، فيبدي أنه تعالى أمدّ في الدنيا نوعاً من الحيوان، منها أربعمائة في البر وستمائة في البحر. وقال عطاء أيضاً : السفن. وقال مجاهد أيضاً : المنايا تسبح في نفوس الحيوان.
( فَالسَّابِقَاتِ (، قال مجاهد : الملائكة سبقت بني آدم بالخير والعمل الصالح، وقاله أبو روق. وقال ابن مسعود : أنفس المؤمنين تسبق إلى الملائكة الذين