" صفحة رقم ٤٢٨ "
بهمز، فاحتمل أن يكون تعجباً، واحتمل أن تكون ما استفهامية، وأغرك بمعنى أدخلك في الغر. وقال الزمخشري : من قولك غر الرجل فهو غار، إذا غفل من قولك بينهم العدو وهم غارون، وأغرة غيره : جعله غاراً. انتهى. وروي أنه عليه الصلاة والسلام قرأ :) مَا غَرَّكَ بِرَبّكَ الْكَرِيمِ (، فقال : جهله وقاله عمر رضي الله تعالى عنه وقرأ أنه كان ظلوماً جهولاً، وهذا يترتب في الكافر والعاصي. وقال قتادة : عدوه المسلط عليه، وقيل : ستر الله عليه. وقيل : كرم الله ولطفه يلقن هذا الجواب، فهذا لطف بالعاصي المؤمن. وقيل : عفوه عنه إن لم يعاقبه أول مرة. وقال الفضيل رضي الله عنه : ستره المرخى. وقال ابن السماك : يا كاتم الذنب أما تستحي
والله في الخلوة رائيكا
غرك من ربك إمهاله
وستره طول مساويكا
وقال الزمخشري : في جواب الفضيل، وهذا على سبيل الاعتراف بالخطأ. بالاغترار : بالستر، وليس باعتذار كما يظنه الطماع، ويظن به قصاص الحشوية، ويروون عن أئمتهم إنما قال :) بِرَبّكَ الْكَرِيمِ ( دون سائر صفاته، ليلقن عبده الجواب حتى يقول : غرني كونه الكريم. انتهى. وهو عادته في الطعن على أهل السنة.
الإنفطار :( ٧ ) الذي خلقك فسواك.....
( فَسَوَّاكَ ( : جعلك سوياً في أعضائك، ( فَعَدَلَكَ ( : صيرك معتدلاً متناسب الخلق من غير تفاوت. وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وطلحة والأعمش وعيسى وأبو جعفر والكوفيون : بخف الدال ؛ وباقي السبعة : بشدها. وقراءة التخفيف إما أن تكون كقراءة التشديد، أي عدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت، وإما أن يكون معناه فصرفك. يقال : عدله عن الطريق : أي عدلك عن خلقة غيرك إلى خلقة حسنة مفارقة لسائر الخلق، أو فعدلك إلى بعض الأشكال والهيئات.
الإنفطار :( ٨ ) في أي صورة.....
والظاهر أن قوله :.
( في أي صُورَةٍ ( يتعلق بربك، أي وضعك في صورة اقتضتها مشيئة من حسن وطول وذكورة، وشبه ببعض الأقارب أو مقابل ذلك. وما زائدة، وشاء في موضع الصفة لصورة، ولم يعطف ) رَكَّبَكَ ( بالفاء كالذي قبله، لأنه بيان لعدلك، وكون في أي صورة متعلقاً بربك هو قول الجمهور. وقيل : يتعلق بمحذوف، أي ركبك حاصلاً في بعض الصور. وقال بعض المتأولين : إنه يتعلق بقوله :) فَعَدَلَكَ (، أي : لك في صورة، أي صورة ؛ وأي تقتضي التعجيب والتعظيم، فلم يجعلك في صورة خنزير أو حمار ؛ وعلى هذا تكون ما منصوبة بشاء، كأنه قال : أي تركيب حسن شاء ركبك، والتركيب : التأليف وجمع شيء إلى شيء. وأدغم خارجة عن نافع ركبك كلا، كأبي عمرو في إدغامه الكبير.
الإنفطار :( ٩ ) كلا بل تكذبون.....
وكلا : ردع وزجر لما دل عليه ما قبله من اغترارهم بالله تعالى، أو لما دل عليه ما بعد كلا من تكذيبهم بيوم الجزاء والدين أو شريعة الإسلام. وقرأ الجمهور :) بَلْ تُكَذّبُونَ ( بالتاء، خطاباً للكفار ؛ والحسن وأبو جعفر وشيبة وأبو بشر : بياء الغيبة.
الإنفطار :( ١٠ ) وإن عليكم لحافظين
) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ( : استئناف إخبار، أي عليهم من يحفظ أعمالهم ويضبطها. ويظهر أنها جملة حالية، والواو واو الحال، أي تكذبون بيوم الجزاء.
الإنفطار :( ١١ ) كراما كاتبين
والكاتبون : الحفظة يضبطون أعمالكم لأن تجازوا عليها، وفي تعظيم الكتبة بالثناء عليهم تعظيم لأمر الجزاء. وقرأ الجمهور :) يَصْلَوْنَهَا (، مضارع صلى مخففاً ؛ وابن مقسم : مشدّداً مبنياً للمفعول.
الإنفطار :( ١٢ ) يعلمون ما تفعلون
) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (، فيكتبون ما تعلق به الجزاء. قال الحسن : يعلمون ما ظهر دون حديث النفس. وقال سفيان : إذا هم العبد بالحسنة أو السيئة، وجد الكاتبان ريحها. وقال الحسين بن الفضل : حيث قال يعلمون ولم يقل يكتبون دل على أنه لا يكتب الجميع فيخرج عنه السهو والخطأ وما لا تبعة فيه.
الإنفطار :( ١٦ ) وما هم عنها.....
( وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ( : أي عن الجحيم، أي لا يمكنهم الغيبة، كقوله :) وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ). وقيل : إنهم مشاهدوها في البرزخ. لما أخبر عن صلبهم يوم القيامة، أخبر بانتفاء غيبتهم عنها قبل الصلي، أي يرون مقاعدهم من النار.
الإنفطار :( ١٧ ) وما أدراك ما.....
( وَمَا أَدْرَاكَ ( : تعظيم لهول ذلك اليوم.
الإنفطار :( ١٩ ) يوم لا تملك.....
وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى وابن جندب وابن كثير وأبو عمرو :) يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ ( برفع الميم، أي هو يوم، وأجاز الزمخشري فيه أن يكون بدلاً مما قبله. وقرأ محبوب عن أبي عمرو : يوم لا


الصفحة التالية
Icon