" صفحة رقم ٤٣١ "
وقال أبو زيد يقال رين بالرجل يران به ريناً إذا وقع فيما لا يستطيع منه الخروج. الرحيق قال الخليل أجود الخمر. وقال الأخفش والزجاج الشراب الذي لا غش فيه. قال حسان :
بردى يصفق بالرحيق السلسل
نافس في الشيء رغب فيه ونفست عليه بالشيء أنفس نفاسة إذا بخلت به عليه ولم تحب أن يصير إليه. التسنيم أصله الارتفاع ومنه تسنيم القبر وسنام البعير وتسنمته علوت سنامه. الغمز الإشارة بالعين والحاجب.
( وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبّ الْعَالَمِينَ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِى سِجّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجّينٌ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ الَّذِينَ يُكَذّبُونَ بِيَوْمِ الدّينِ وَمَا يُكَذّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ ءايَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الاْوَّلِينَ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقَالُ هَاذَا الَّذِى كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ ).
هذه السورة مكية في قول ابن مسعود والضحاك ومقاتل، مدنية في قول الحسن وعكرمة ومقاتل أيضاً. وقال ابن عباس وقتادة : مدنية إلا من ) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ ( إلى آخرها، فهو مكي، ثمان آيات. وقال السدي : كان بالمدينة رجل يكنى أبا جهينة، له مكيلان، يأخذ بالأوفى ويعطي بالأنقص، فنزلت. ويقال : أنها أول سورة أنزلت بالمدينة. وقال ابن عباس : نزل بعضها بمكة، ونزل أمر التطفيف بالمدينة لأنهم كانوا أشد الناس فساداً في هذا المعنى، فأصلحهم الله بهذه السورة. وقيل : نزلت بين مكة والمدينة ليصلح الله تعالى أمرهم قبل ورود رسوله ( ﷺ ) ). والمناسبة بين السورتين ظاهرة. لما ذكر تعالى السعداء والأشقياء ويوم الجزاء وعظم شأن يومه، ذكر ما أعد لبعض العصاة، وذكرهم بأخس ما يقع من المعصية، وهي التطفيف الذي لا يكاد يجدي شيئاً في تثمير المال وتنميته.
( إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ ( : قبضوا لهم، ( وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ (، أقبضوهم. وقال الفراء : من وعلى يعتقبان هنا، اكتلت على الناس، واكتلت من الناس. فإذا قال : اكتلت منك، فكأنه قال : استوفيت منك ؛ وإذا قال : اكتلت عليك ؛ فكأنه قال : أخذت ما عليك، والظاهر أن على متعلق باكتالوا كما قررنا. وقال الزمخشري : لما كان اكتيالهم من الناس اكتيالاً يضرهم ويتحامل فيه عليهم، أبدل على مكان من للدلالة على ذلك ؛ ويجوز أن يتعلق بيستوفون، أي يستوفون على الناس خاصة، فأما أنفسهم فيستوفون لها. انتهى. وكال ووزن مما يتعدى بحرف الجر، فتقول : كلت لك ووزنت لك، ويجوز حذف اللام، كقولك : نصحت لك ونصحتك، وشكرت لك وشكرتك ؛ والضمير ضمير نصب، أي كالوا لهم أو وزنوا لهم، فحذف حرف الجر ووصل الفعل بنفسه، والمفعول محذوف وهو المكيل والموزون. وعن عيسى وحمزة : المكيل له والموزون له محذوف، وهم ضمير مرفوع تأكيد للضمير المرفوع الذي هو الواو. وقال الزمخشري : ولا يصح أن يكون ضميراً مرفوعاً للمطففين، لأن الكلام يخرج به إلى نظم فاسد، وذلك أن المعنى : إذا أخذوا من الناس استوفوا، وإذا أعطوهم أخسروا. وإن جعلت الضمير للمطففين، انقلب إلى قولك : إذا أخذوا من الناس استوفوا، وإذا تولوا الكيل أو الوزن هم على الخصوص أخسروا، وهو كلام متنافر، لأن الحديث واقع في الفعل لا في المباشر. انتهى. ولا تنافر فيه بوجه، ولا فرق بين أن يؤكد الضمير وأن لا يؤكد، والحديث واقع في الفعل. غاية ما في هذا أن متعلق الاستيفاء، وهو على الناس، مذكور وهو في ) كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ (، محذوف للعلم به لأنه معلوم أنهم لا يخسرون الكيل والميزان إذا كان لأنفسهم، إنما يخسرون ذلك لغيرهم. وقال الزمخشري : فإن قلت : هل لا. قيل أو اتزنوا، كما قيل أو وزنوهم ؟ قلت : كأن المطففين كانوا لا يأخذون ما يكال ويوزن إلا بالمكاييل دون الموازين لتمكنهم بالاكتيال من الاستيفاء


الصفحة التالية
Icon