" صفحة رقم ٤٣٤ "
النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِى ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ ءامَنُواْ يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُواْ إِنَّ هَؤُلاَء لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ ءامَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الاْرَائِكِ يَنظُرُونَ هَلْ ثُوّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ).
المطففين :( ١٨ ) كلا إن كتاب.....
لما ذكر تعالى أمر كتاب الفجار، عقبه بذكر كتاب ضدهم ليتبين الفرق. عليون : جمع واحده عليّ، مشتق من العلو، وهو المبالغة، قاله يونس وابن جني. قال أبو الفتح : وسبيله أن يقال علية، كما قالوا للغرفة علية، فلما حذفت التاء عوضوا منها الجمع بالواو والنون. وقيل : هو وصف للملائكة، فلذلك جمع بالواو والنون. وقال الفراء : هو اسم موضوع على صفة الجمع، ولا واحد له من لفظه، كقوله : عشرين وثلاثين ؛ والعرب إذا جمعت جمعاً، ولم يكن له بناء من واحده ولا تثنية، قالوا في المذكر والمؤنث بالواو والنون. وقال الزجاج : أعرب هذا الاسم كإعراب الجمع، هذه قنسرون، ورأيت قنسرين. وعليون : الملائكة، أو المواضع العلية، أو علم لديوان الخير الذي دون فيه كل ما علمته الملائكة وصلحاء الثقلين، أو علو في علو مضاعف، أقوال ثلاثة للزمخشري.
وقال أبو مسلم :) كِتَابَ الاْبْرَارِ ( : كتابة أعمالهم، ( لَفِى عِلّيّينَ ).
المطففين :( ٢٠ ) كتاب مرقوم
ثم وصف عليين بأنه ) كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ( فيه جميع أعمال الأبرار. وإذا كان مكاناً فاختلفوا في تعيينه اختلافاً مضطرباً رغبنا عن ذكره. وإعراب ) لَفِى عِلّيّينَ (، و ) كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ( كإعراب ) لَفِى سِجّينٍ (، و ) كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ). وقال ابن عطية : و ) كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ( في هذه الآية خبر إن والظرف ملغى. انتهى. هذا كما قال في ) لَفِى سِجّينٍ (، وقد رددنا عليه ذلك وهذا مثله.
المطففين :( ٢١ ) يشهده المقربون
والمقربون هنا، قال ابن عباس وغيره : هم الملائكة أهل كل سماء،
المطففين :( ٢٣ ) على الأرائك ينظرون
) يُنظَرُونَ (، قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد : إلى ما أعد لهم من الكرامات. وقال مقاتل : إلى أهل النار. وقيل : ينظر بعضهم إلى بعض.
المطففين :( ٢٤ ) تعرف في وجوههم.....
وقرأ الجمهور :) تَعْرِفُ ( بتاء الخطاب، للرسول ( ﷺ ) )، أو للناظر. ) نَضْرَةَ النَّعِيمِ (، نصباً. وقرأ أبو جعفر وابن أبي إسحاق وطلحة وشيبة ويعقوب والزعفراني : تعرف مبنياً للمفعول، نضرة رفعاً ؛ وزيد بن عليّ : كذلك، إلا أنه قرأ : يعرف بالياء، إذ تأنيث نضرة مجازي ؛ والنضرة تقدّم شرحها في قوله :) نَضْرَةً وَسُرُوراً ).
المطففين :( ٢٥ - ٢٦ ) يسقون من رحيق.....
( مَّخْتُومٍ (، الظاهر أن الرحيق ختم عليه تهمماً وتنظفاً بالرائحة المسكية، كما فسره ما بعده. وقيل : تختم أوانيه من الأكواب والأباريق بمسك مكان الطينة. وقرأ الجمهور :) خِتَامُهُ ( : أي خلطه ومزاجه، قاله عبد الله وعلقمة. وقال ابن عباس وابن جبير والحسن : معناه خاتمته، أي يجد الرائحة عند خاتمة الشراب، رائحة المسك. وقال أبو عليّ : أي إبزاره المقطع وذكاء الرائحة مع طيب الطعم. وقيل : يمزج بالكافور ويختم مزاجه بالمسك. وفي الصحاح : الختام : الطين الذي يختم به، وكذا قال مجاهد وابن زيد : ختم إناؤه بالمسك بدل الطين، وقال الشاعر : كأن مشعشعاً من خمر بصرى
نمته البحث مشدود الختام
وقرأ عليّ والنخعي والضحاك وزيد بن عليّ : وأبو حيوة وابن أبي عبلة والكسائي : خاتمه، بعد الخاء ألف وفتح التاء، وهذه بينة المعنى، إنه يراد بها الطبع على الرحيق. وعن الضحاك وعيسى وأحمد بن جبير الأنطاكي عن الكسائي : كسر التاء، أي آخره مثل قوله :) وَخَاتَمَ النَّبِيّينَ (، وفيه حذف، أي خاتم رائحته المسك ؛ أو خاتمه الذي يختم به ويقطع.
المطففين :( ٢٧ ) ومزاجه من تسنيم
) مِن تَسْنِيمٍ (، قال عبد الله وابن عباس : هو أشرف شراب الجنة، وهو اسم مذكر لماء عين في الجنة. وقال الزمخشري :) تَسْنِيمٍ ( : علم لعين بعينها، سميت بالتسنيم الذي هو مصدر سنمه إذا رفعه.
المطففين :( ٢٨ ) عينا يشرب بها.....
و ) عَيْناً ( نصب على المدح. وقال الزجاج : على الحال. انتهى. وقال الأخفش : يسقون عيناً، ( يَشْرَبُ بِهَا ( : أي يشربها أو منها، أو ضمن يشرب معنى يروى بها أقوال. ) الْمُقَرَّبُونَ (، قال ابن مسعود وابن عباس والحسن وأبو صالح : يشربها المقربون