" صفحة رقم ٥٢٧ "
عذاب شديد ). فقال أبو لهب : تباً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا ؟ فافترقوا عنه، ونزلت هذه السورة. وأبو لهب اسمه عبد العزى، ابن عم المطلب عم رسول الله ( ﷺ ) ). وقرأ ابن محيصن وابن كثير : أبي لهب بسكون الهاء، وفتحها باقي السبعة ولم يختلفوا في ذات لهب، لأنها فاصلة، والسكون يزيلها على حسن الفاصلة. قال الزمخشري : وهو من تغيير الأعلام، كقولهم : شمس مالك بالضم. انتهى، يعني : سكون الهاء في لهب وضم الشين في شمس، ويعني في قول الشاعر : وإني لمهد من ثنائي فقاصد
به لابن عمي الصدق شمس بن مالك
فأما في لهب، فالمشهور في كنيته فتح الهاء، وأما شمس بن مالك، فلا يتعين أن يكون من تغيير الأعلام، بل يمكن أن يكون مسمى بشمس المنقول من شمس الجمع، كما جاء أذناب خيل شمس. قيل : وكنى بأبي لهب لحسنه وإشراق وجهه، ولم يذكره تعالى باسمه لأن اسمه عبد العزى، فعدل عنه إلى الكنية، أو لأن الكنية كانت أغلب عليه من الاسم ؛ أو لأن مآله إلى النار، فوافقت حالته كنيته، كما يقال للشرير : أبو الشر، وللخير أبو الخير ؛ أو لأن الاسم أشرف من الكنية، فعدل إلى الأنقص ؛ ولذلك ذكر الله تعالى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأسمائهم ولم يكنّ أحداً منهم.
المسد :( ٢ ) ما أغنى عنه.....
والظاهر أن ما في ) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ ( نفي، أي لم يغن عنه ماله الموروث عن آبائه، وما كسب هو بنفسه أو ماشيته، وما كسب من نسلها ومنافعها، أو ما كسب من أرباح ماله الذي يتجر به. ويجوز أن تكون ما استفهاماً في موضع نصب، أي : أيّ شيء يغني عنه ماله على وجه التقرير والإنكار ؟ والمعنى : أين الغني الذي لماله ولكسبه ؟ والظاهر أن ما في قوله :) وَمَا كَسَبَ ( موصولة، وأجيز أن تكون مصدرية. وإذا كانت ما في ) مَا أَغْنَى ( استفهاماً، فيجوز أن تكون ما في ) وَمَا كَسَبَ ( استفهاماً أيضاً، أي : وأي شيء كسب ؟ أي لم يكسب شيئاً. وعن ابن عباس :) وَمَا كَسَبَ ( ولده.
وفي الحديث :( ولد الرجل من كسبه ). وعن الضحاك :) وَمَا كَسَبَ ( هو عمله الخبيث في عداوة الرسول ( ﷺ ) ). وعن قتادة : وعمله الذي ظن أنه منه على شيء. وروي عنه أنه كان يقول : إن كان ما يقول ابن أخي حقاً، فأنا أفتدي منه نفسي بمالي وولدي. وقرأ عبد الله : وما اكتسب بتاء الافتعال.
المسد :( ٣ - ٤ ) سيصلى نارا ذات.....
وقرأ أبو حيوة وابن مقسم وعباس في اختياره، وهو أيضاً سيصلى بضم الياء وفتح الصاد وشد اللام، ومريئته ؛ وعنه أيضاً : ومريته على التصغير فيهما بالهمز وبإبدالها ياء وإدغام ياء التصغير فيها. وقرأ أيضاً : حمالة للحطب، بالتنوين في حمالة، وبلام الجر في الحطب. وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق : سيصلى بضم الياء وسكون الصاد ؛ وأبو قلابة : حاملة الحطب على وزن فاعلة مضافاً، واختلس حركة الهاء في وامرأته أبو عمرو في رواية ؛ والحسن وزيد بن علي والأعرج وأبو حيوة وابن أبي عبلة وابن محيصن وعاصم : حمالة بالنصب.
وقرأ الجمهور :) سَيَصْلَى ( بفتح الياء وسكون الصاد، ( وَامْرَأَتُهُ ( على التكبير، ( حَمَّالَةَ ( على وزن فعالة للمبالغة مضافاً إلى الحطب مرفوعاً، والسين للاستقبال وإن تراخى الزمان، وهو وعيد كائن إنجازه لا محالة. وارتفع ) وَامْرَأَتُهُ ( عطفاً على الضمير المستكن في ) سَيَصْلَى (، وحسنه وجود الفصل بالمفعول وصفته، ( وحمالة ( في قراءة الجمهور خبر مبتدأ محذوف، أو صفة لامرأته، لأنه مثال ماض فيعرف بالإضافة، وفعال أحد الأمثلة الستة وحكمها كاسم الفاعل. وفي قراءة النصب، انتصب على الذم. وأجازوا في قراءة الرفع أن يكون ) لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ ( مبتدأ، وحمالة، واسمها أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان، وكانت عوراء. والظاهر أنها كانت تحمل الحطب، أي ما فيه شوك، لتؤذي بإلقائه في طريق الرسول ( ﷺ ) ) وأصحابه لتعقرهم، فذمت بذلك وسميت حمالة الحطب، قاله ابن عباس. فحمالة معرفة، فإن كان صار لقباً لها جاز فيه حالة الرفع أن يكون عطف بيان، وأن يكون بدلاً. قيل : وكانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعدان فتنشرها بالليل في طريق


الصفحة التالية
Icon