" صفحة رقم ٦٥ "
والجحدري، والأعمش، وابن أبي إسحاق، والسلمي : بالتاء من فوق مضمومة مساكنهم بالرفع، وهذا لا يجيزه أصحابنا إلا في الشعر، وبعضهم يجيزه في الكلام. وقال ذو الرمة : كأنه جمل همّ وما بقيت
إلا النخيرة والألواح والعصب
وقال آخر : فما بقيت إلا الضلوع الجراشع وقرأ عيسى الهمداني : لا يرى بضم الياء إلا مسكنهم بالتوحيد. وروي هذا عن الأعمش، ونصر بن عاصم. وقرىء : لا ترى، بتاء مفتوحة للخطاب، إلا مسكنهم بالتوحيد مفرداً منصوباً، واجتزىء بالمفرد عن الجمع تصغيراً لشأنهم، وأنهم لما هلكوا في وقت واحد، فكأنهم كانوا في مسكن واحد.
الأحقاف :( ٢٦ ) ولقد مكناهم فيما.....
ولما أخبر بهلاك قوم عاد، خاطب قريشاً على سبيل الموعظة فقال :) وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ (، وإن نافية، أي في الذي ما مكناهم فيه من القوة والغنى والبسط في الأجسام والأموال ؛ ولم يكن النفي بلفظ ما، كراهة لتكرير اللفظ، وإن اختلف المعنى. وقيل : إن شرطية محذوفة الجواب، والتقدير : إن مكناكما فيه طغيتم. وقيل : إن زائدة بعدما الموصولة تشبيهاً بما النافية وما التوقيتية، فهي في الآية كهي في قوله :
يرجى المرء ما إن لا يراه
وتعرض دون أدناه الخطوب
أي مكناهم في مثل الذي مكناكم، فيه، وكونها نافية هو الوجه، لأن القرآن يدل عليه في مواضع كقوله :) كَانُواْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَءاثَاراً (، وقوله :) هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً (، وهو أبلغ في التوبيخ وأدخل في الحث في الاعتبار. ثم عدد نعمه عليهم، وأنها لم تغن عنهم شيئاً، حيث لم يستعملوا السمع والأبصار والأفئدة فيما يجب أن يستعمل. وقيل : ما استفهام بمعنى التقرير، وهو بعيد كقوله :) تَذَرُ مِن شَىْء (، إذ يصير التقدير : أي شيء مما ذكر أغنى عنهم من شيء، فتكون من زيدت في الموجب، وهو لا يجوز على الصحيح، والعامل في إذ أغنى. ويظهر فيها معنى التعليل لو قلت : أكرمت زيداً لإحسانه إليّ، أو إذ أحسن إليّ. استويا في الوقت، وفهم من إذ ما فهم من لام التعليل، وإن إكرامك إياه في وقت إحسانه إليك، إنما كان لوجود إحسانه لك فيه.
( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مّنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الاْيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَاناً ءالِهَةَ بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ الْجِنّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْءانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُواْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِىَ وَلَّوْاْ إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ قَالُواْ ( سقط : سقط إلى آخر الآية ) ).


الصفحة التالية
Icon