" صفحة رقم ٨٣ "
هكذا، فسول يجوز أن يكون من ذوات الهمز. وقال صاحب اللوامح : والتسويل أصله من الإرخاء، ومنه :) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ). والسول : استرخاء البطن. وقرأ زيد بن علي :) سَوَّلَ لَهُمْ ( : أي كيده على تقدير حذف مضاف. وقرأ الجمهور :) وَأَمْلَى لَهُمْ ( مبنياً للفاعل، والظاهر أنه يعود على الشيطان، وقاله الحسن، وجعل وعده الكاذب بالبقاء، كالإبقاء. والإبقاء هو البقاء ملاوة من الدهر يمد لهم في الآمال والأماني. قيل : ويحتمل أن يكون فاعل أملى ضميراً يعود على الله، وهو الأرجح، لأن حقيقة الإملاء إنما هو من الله. وقرأ ابن سيرين، والجحدري، وشيبة، وأبو عمرو، وعيسى : وأملى مبنياً للمفعول، أي امهلوا ومدوا في عمرهم. وقرأ مجاهد، وابن هرمز، والأعمش، وسلام، ويعقوب : وأملي بهمزة المتكلم مضارع أملى، أي وأنا أنظرهم، كقوله :) أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ (، ويجوز أن يكون ماضياً سكنت منه الياء، كما تقول في يعي بسكون الياء.
محمد :( ٢٦ ) ذلك بأنهم قالوا.....
( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ). وروي أن قوماً من قريظة والنضير كانوا يعينون المنافقين في أمر الرسول، والخلاف عليه بنصره ومؤازرته، وذلك قوله :) سَنُطِيعُكُمْ فِى بَعْضِ الاْمْرِ ). وقيل : الضمير في قالوا للمنافقين ؛ والذين كرهوا مانزل الله : هم قريظة والنضير ؛ وبعض الأمر : قول المنافقين لهم :) لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ (، قاله ابن عباس. وقيل : بعض الأمر : التكذيب بالرسول، أو بلا إله إلا الله، أو ترك القتال معه. وقيل : هو قول الفريقين، اليهود والمنافقين، للمشركين : سنطيعكم في التكافؤ على عداوة الرسول والقعود عن الجهاد معه، وتعين في بعض الأمر في بعض ما يأسرون به، أو في بعض الأمر الذي يهمكم. وقرأ الجمهور : أسرارهم، بفتح الهمزة، وكانت أسرارهم كثيرة. وابن وثاب، وطلحة، والأعمش، وحمزة، والكسائي، وحفص : بكسرها : وهو مصدر ؛ قالوا ذلك سراً فيما بينهم، وأفشاه الله عليهم. وقال أبو عبد الله الرازي : الأظهر أن يقال : والله يعلم أسرارهم، ما في قلوبهم من العلم بصدق محمد عليه السلام، فإنهم كانوا معاندين مكابرين، وكانوا يعرفون رسول الله ( ﷺ ) )، كما يعرفون أبناءهم. انتهى.
محمد :( ٢٧ ) فكيف إذا توفتهم.....
( فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ ( : تقدم شرح :) الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ (، ومبلغهم لأجل القتال. وتقدم قول المرتدين، وما يلحقهم في ذلك من جزائهم على طواعية الكاذبين ما أنزل الله. وتقدم :) وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ ( ؛ فجاء هذا الاستفهام الذي معناه التوقيف عقب هذه الأشياء. فقال الطبري : فكيف علمه بها، أي بأسرارهم إذا توفتهم الملائكة ؟ وقيل : فكيف يكون حالهم مع الله فيما ارتكبوه من ذلك القول ؟ وقرأ الأعمش : توفاهم، بألف بدل التاء، فاحتمل أن يكون ماضياً ومضارعاً حذفت منه التاء، والظاهر أن وقت التوفي هو عند الموت. وقال ابن عباس : لا يتوفى أحد على معصيته إلا تضرب الملائكة في وجهه وفي دبره. والملائكة : ملك الموت والمصرفون معه. وقيل : هو وقت القتال نصرة للرسول ؛ يضرب وجوههم أن يثبتوا ؛ وأدبارهم : انهزموا. والملائكة : النصر. والظاهر أن يضربون حال من الملائكة ؛ وقيل : حال من الضمير في توفاهم، وهو ضعيف.
محمد :( ٢٨ ) ذلك بأنهم اتبعوا.....
( ذالِكَ ( : أي ذلك الضرب للوجوه والأدبار ؛ ) بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُواْ مَا أَسْخَطَ اللَّهَ ( : وهو الكفر، أو كتمان بعث الرسول، أو تسويل الشيطان، أقوال. والمتبع الشيء هو مقبل بوجهه عليه، فناسب ضرب الملائكة وجهه. ) وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ ( : وهو الإيمان بالله واتباع دينه. والكافر للشيء متول عنه، فناسب ضرب الملائكة دبره ؛ ففي ذلك مقابلة أمرين بأمرين.
( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ وَلَوْ نَشَاء لارَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّواْ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئا ( سقط : إلى آخر الآية ) ً (