" صفحة رقم ٩٩ "
ذلك عن النبي ( ﷺ ) )، وبه قال علي، وابن عباس، وابن عمر، وعمرو بن ميمون، وقتادة، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك، وسلمة بن كهيل، وعبيد بن عمير، وطلحة بن مصرف، والربيع، والسدي، وابن زيد. وقال عطاء بن أبي رباح ومجاهد أيضاً : هي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. وقال علي بن أبي طالب، وابن عمر، رضي الله تعالى عنهما : لا إله إلا الله، والله أكبر. وقال أبو هريرة، وعطاء الخراساني : لا إله إلا الله، محمد رسول الله ( ﷺ ) )، وأضيفت الكلمة إلى التقوى لأنها سبب التقوى وأساسها. وقيل : هو على حذف مضاف، أي كلمة أهل التقوى. وقال المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم : كلمة التقوى هنا هي بسم الله الرحمن الرحيم، وهي التي أباها كفار قريش، فألزمها الله المؤمنين وجعلهم أحق بها. وقيل : قولهم سمعاً وطاعة. والظاهر أن الضمير في :) وَكَانُواْ ( عائد على المؤمنين، والمفضل عليهم محذوف، أي ) أَحَقَّ بِهَا ( من كفار مكة، لأن الله تعالى اختارهم لدينه وصحبة نبيه ( ﷺ ) ). وقيل : من اليهود والنصارى، وهذه الأحقية هي في الدنيا. وقيل : أحق بها في علم الله تعالى. وقيل :) وَأَهْلُهَا ( في الآخرة بالثواب. وقيل : الضمير في وكانوا عائد على كفار مكة لأنهم أهل حرم الله، ومنهم رسوله لولا ما سلبوا من التوفيق.
( وَكَانَ اللَّهُ بِكُلّ شَىْء عَلِيماً (، إشارة إلى علمه تعالى بالمؤمنين ورفع الكفار عنهم، وإلى علمه بصلح الكفار في الحديبية، إذ كان سبباً لامتزاج العرب وإسلام كثير منهم، وعلو كلمة الإسلام ؛ وكانوا عام الحديبية ألفاً وأربعمائة، وبعده بعامين ساروا إلى مكة بعشرة آلاف.
وقال أبو عبد الله الرازي : في هذه الآية لطائف معنوية، وهو أنه تعالى أبان غاية البون بين الكافر والمؤمن. باين بين الفاعلين، إذ فاعل جعل هو الكفار، وفاعل أنزل هو الله تعالى ؛ وبين المفعولين، إذ تلك حمية، وهذه سكينة ؛ وبين الإضافتين، أضاف الحمية إلى الجاهلية، وأضاف السكينة إلى الله تعالى. وبين الفعل جعل وأنزل ؛ فالحمية مجعولة في الحال في العرض الذي لا يبقى، والسكينة كالمحفوظ في خزانة الرحمة فأنزلها. والحمية قبيحة مذمومة في نفسها وازدادت قبحاً بالإضافة إلى الجاهلية، والسكينة حسنة في نفسها وازدادت حسناً بإضافتها إلى الله تعالى. والعطف في فأنزل بالفاء لا بالواو يدل على المقابلة، تقول : أكرمني فأكرمته، فدلت على المجازاة للمقابلة، ولذلك جعل فأنزل. ولما كان الرسول ( ﷺ ) ) هو الذي أجاب أولاً إلى الصلح، وكان المؤمنون عازمين على القتال، وأن لا يرجعوا إلى أهلهم إلا بعد فتح مكة أو النحر في المنحر، وأبوا إلا أن يكتبوا محمد رسول الله ( ﷺ ) ) وباسم الله، قال تعالى :) عَلَى رَسُولِهِ ). ولما سكن هو ( ﷺ ) ) للصلح، سكن المؤمنون، فقال :) وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ). ولما كان المؤمنون عند الله تعالى، ألزموا تلك الكلمة، قال تعالى :) إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (، وفيه تلخيص، وهو كلام حسن. قوله عز وجل :
) لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ ءامِنِينَ مُحَلّقِينَ رُءوسَكُمْ وَمُقَصّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ ).
الفتح :( ٢٧ ) لقد صدق الله.....
رأى رسول الله ( ﷺ ) ) قبل خروجه إلي الحديبية. وقال مجاهد : كانت الرؤيا بالحديبية أنه وأصحابه دخلوا مكة آمنين، وقد حلقوا وقصروا. فقص الرؤيا على أصحابه، ففرحوا واستبشروا وحسبوا أنهم داخلوها في عامهم، وقالوا : إن رؤيا رسول الله ( ﷺ ) ) حق. فلما تأخر ذلك، قال عبد الله أبيّ، وعبد الله بن نفيل، ورفاعة بن الحرث : والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام. فنزلت. وروي أن رؤياه كانت : أن ملكاً جاءه فقال له :) لَتَدْخُلُنَّ ). ومعنى


الصفحة التالية
Icon