صفحة رقم ١٠١
) يكلمنا الله ( أي عياناً بأنك رسوله ) أو تأتينا آية ( أي دلالة وعلامة على صدقك ) كذلك قال الذين من قبلهم ( أي كفار الأمم الخالية ) مثل قولهم ( وذلك أن اليهود سألوا موسى أن يريهم الله جهرة، وأن يسمعهم كلام الله.
وسألوه من الآيات ما ليس لهم مسألته فأخبر الله عن الذين كانوا في زمن رسول الله ( ﷺ ) أنهم قالوا : مثل ما قال من كان قبلهم ) تشابهت قلوبهم ( يعني أن المكذبين للرسل تشابهت أقوالهم وأفعالهم.
وقيل تشابهت في الكفر والقسوة والتكذيب وطلب المحال ) قد بينا الآيات ( أي الدلالات على نبوة محمد ( ﷺ ) ) لقوم يوقنون ( يعني أن آيات القرآن وما جاء به محمد ( ﷺ ) من العجزات الباهرات كافية لمن كان طالباً لليقين، وإنما خص أهل الإيقان بالذكر لأنهم هم أهل التثبت في الأمور ومعرفة الأشياء على يقين.
قوله عز وجل :( إنا أرسلناك بالحق ( أي بالصدق وقال ابن عباس : بالقرآن وقيل : بالإسلام وقيل : معناه إنا لم نرسلك عبثاً، بل أرسلناك بالحق ) بشيراً ( أي مبشراً لأوليائي، وأهل طاعتي بالثواب العظيم ) ونذيراً ( أي منذراً ومخوفاً لأعدائي وأهل معصيتي بالعذاب الأليم ) ولا تسأل ( قرئ بفتح التاء على النهي قال ابن عباس : وذلك أن النبي ( ﷺ ) قال ذات يوم :( ليت شعري ما فعل أبواي ) فنزلت هذه الآية، والمعنى إنا أرسلناك لتبليغ ما أرسلت به ولا تسأل عن أصحاب الجحيم.
وقرئ ولا تسأل بضم التاء ورفع اللام على الخبر.
وقيل : على النفي والمعنى إنا أرسلناك بالحق لتبليغ ما أرسلت به، فإنما عليك البلاغ ولست مسؤولاً عمن كفر ) عن أصحاب الجحيم ( أي عن أهل النار، سميت النار جحيماً لشدة تأججها.
وقيل : الجحيم معظم النار.
البقرة :( ١٢٠ - ١٢١ ) ولن ترضى عنك...
" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون " ( قوله عز وجل :( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ( وذلك أنهم كانوا يسألون النبي ( ﷺ ) الهدنة ويطمعونه أنه إن أمهلهم اتبعوه فأنزل الله هذه الآية والمعنى إنك وإن هادنتهم فلا يرجون بها وإنما يطلبون ذلك تعللاً ولا يرجون منك إلا باتباع ملتهم.
وقال ابن عباس : هذا في أمر القبلة وذلك أن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا النبي ( ﷺ )، حين كان يصلي إلى بيت المقدس، فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة أيسوا منه أن يوافقهم على دينهم فأنزل الله تعالى :( ولن ترضى عنك اليهود ( يعني إلا باليهودية، ) ولا النصارى ( يعني إلا بالنصرانية وهذا شيء لا يتصور إذ لا يجتمع في رجل واحد شيئان في وقت واحد وهو قوله :( حتى تتبع ملتهم ( يعني دينهم وطريقتهم ) قل ( أي ما محمد ) إن هدى الله ( يعني دين الله الذي هو الإسلام ) هو الهدى (


الصفحة التالية
Icon