صفحة رقم ١٠٦
عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً فلم تر أحداً فهبطت من الصفا حتى بلغت الوادي، ورفعت طرف درعها وسعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها، فنظرت هل ترى أحداً فلم تر أحداً ففعلت ذلك سبع مرات.
قال ابن عباس : قال النبي ( ﷺ ) فلذلك سعى الناس بينما فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت : صه تريد نفسها ثم تسمعت فسمعت أيضاً فقالت يا من قد أسمعت إن كان عندك غواث فإذا هي بالملك عند موضع زمزم فبحث بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تحوضه وتقول : بيدها هكذا وجعلت تغرف من الماء في سقائها، وهو يفور بعدما تغرف قال ابن عباس قال النبي ( ﷺ ) يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم، أو قال : لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عيناً معيناً.
قال : فشربت وأرضعت ولدها.
فقال : لها الملك لا تخافي الضيعة، فإن ها هنا بيتاً لله يبينه هذا الغلام وأبوه وإن الله لا يضيع أهله، وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية، تأتيه السيول فتأخذ عن يمنيه وعن شماله فكانت كذلك، حتى مرت بهم رفقة من جرهم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كداء، فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائراً عائفاً، فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء فأرسلوا جرياً أو جريين فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم فأقبلوا وأم إسماعيل عند الماء، فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك قالت : نعم ولكن لا حق لكم في الماء قالوا : نعم.
قال ابن عباس قال النبي ( ﷺ ) فألقى ذلك أم إسماعيل، وهي تحب الأنس فأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا كانوا بها أهل أبيات منهم، وشب الغلام وتعلم العربية منهم، وآنسهم وأعجبهم حيث شب فلما أدرك زوجوه امرأة منهم، وماتت أم إسماعيل فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه، فقالت : خرج يبتغي لنا وفي رواية ذهب يصيد لنا ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت : نحن بشر نحن في ضيق وشدة وشكت إليه فقال إذا جاء زوجك اقرئي عليه السلام وقولي له : يغير عتبة بابه فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئاً فقال : هل جاءكم من أحد ؟ قالت : نعم جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد، وشدة فقال : هل أوصاك بشيء قالت : نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول لك غير عتبة بابك قال ذلك أبي، وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك فطلقها، وتزوج منهم أخرى فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله أن يلبث، ثم أتاهم بعد فلم يجده فدخل على امرأته فسأل عنه.
فقالت : خرج يبتغي لنا، قال : كيف أنتم وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت : نحن بخير وسعة وأثنت على الله عز وجل فقال : وما طعامكم ؟ قالت اللحم قال : وما شرابكم قالت : الماء قال : اللهم بارك لهم في اللحم والماء قال النبي ( ﷺ ) : ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم حب دعا لهم فيه، قال : فهما لا يخلو عليما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه وفي رواية فجاء فقال : أين إسماعيل ؟ فقالت امرأته : قد ذهب يصيد، فقالت امرأته : ألاّ تنزل عندنا فتطعم وتشرب.
قال : وما طعامكم وشرابكم قالت : طعامنا اللحم وشرابنا الماء قال اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم.
قال : فقال أبو القاسم بركة دعوة إبراهيم.
قال فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام


الصفحة التالية
Icon