صفحة رقم ١١٢
حكيماً إلاّ إذا اجتمع فيه الأمران.
وقيل : الحكمة هي التي ترد عن الجهل والخطأ وذلك إنما يكون بما ذكرناه من الإصابة في القول والعمل ووضع كل شيء موضعه، وقيل الحكمة معرفة الأشياء بحقائقها.
واختلف المفسرون في المراد بالحكمة ها هنا فروى ابن وهب قال : قلت لمالك ما الحكمة.
قال : المعرفة بالدين والفقة فيه والاتباع هل.
وقال قتادة : الحكمة هي السنة وذلك لأن الله تعالى ذكر تلاوة الكتاب وتعليمه ثم عطف عليه الحكمة فوجب أن يكون المراد بها شيئاً آخر وليس ذلك إلاّ السنة.
وقيل الحكمة : هي العلم بأحكام الله تعالى التي لا يدرك علمها إلاّ ببيان الرسول ( ﷺ ) والمعرفة بها منه.
وقيل الحكمة : هي الفصل بين الحق والباطل.
وقيل : هي معرفة الأحكام والقضاء وقيل : هي فهم القرآن، والمعنى ويعلمهم ما في القرآن من الأحكام والحكمة وهي ما فيه من المصالح الدينية والأحكام الشرعية.
وقيل : كل كلمة وعظتك أودعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهي حكمة ) ويزكيهم ( أي ويطهرهم من الشرك وعبادة الأوثان، وسائر الأرجاس والرذائل والنقائص، وقيل : يزكيهم من التزكية أي يشهد لهم يوم القيامة بالعدالة، إذا شهدوا للأنبياء بالبلاغ ثم ختم إبراهيم الدعاء بالثناء على الله تعالى فقال ) إنك أنت العزيز ( قال ابن عباس : العزيز الذي لا يوجد مثله.
وقيل : هو الذي يقهر ولا يقهر وقيل هو المنيع الذي لا تناله الأيدي، وقيل العزيز القوي والعزة القوة من قولهم أرض عزاز أي صلبة قوية ) الحكيم ( أي العالم الذي لا تخفى عليه خافية، وقيل هو العالم بالأشياء وإيجادها على غاية الإحكام.
البقرة :( ١٣٠ - ١٣١ ) ومن يرغب عن...
" ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين " ( قوله عز وجل :( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلاّ من سفه نفسه ( سبب نزول هذه الآية أن عبدالله بن سلام دعا ابني أخيه إلى الإسلام مهاجراً وسلمة، وقال لهما : قد علمتما أن الله تعالى قال في التوراة إني باعث من ولد إسماعيل نبياً اسمه أحمد فمن آمن به فقد اهتدى، ومن لم يؤمن به فهو ملعون، فأسلم سلمة وأبى مهاجر أن يسلم فأنزل الله تعالى :
) ومن يرغب عن ملة إبراهيم ( أي يترك دينه وشريعته، وفيه تعريض باليهود والنصارى ومشركي العرب لأن اليهود والنصارى يفتخرون بالانتساب إلى إبراهيم والوصلة إليه، لأنهم من بني إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، والعرب يفتخرون به لأنهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم وإذا كان كذلك كان إبراهيم هو الذي طلب بعثة هذا الرسول في آخر الزمان فمن رغب عن الإيمان بهذا الرسول الذي هو دعوة إبراهيم فقد رغب عن ملة إبراهيم ومعنى يرغب عن ملة إبراهيم أي يترك دينه وشريعته يقال : رغب في الشيء إذا أراده ورغب عنه إذا تركه إلاّ من سفه نفسه قال ابن عباس : خسر نفسه وقيل : أهلك نفسه وقيل : امتهنها واستخف بها وأصل السفه الخفة.
وقيل : الجهل وضعف الرأي فكل سفيه جاهل لأن من عبد غير الله فقد جهل نفسه لأنه لم يعترف بأن الله خالقها وقد جاء ( من عرف نفسه فقد عرف ربه ) ومعناه : أن يعرف نفسه بالذل والعجز والضعف