صفحة رقم ١١٩
قوله عز وجل :( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها ( أي وما جعلنا صرفك عن القبلة التي كنت عليها، وهي بيت المقدس، وإنما حذف ذكر الصرف اكتفاء بدلالة اللفظ عليه، وقيل : معناه وما جعلنا التي كنت عليها منسوخة وقيل : معناه وما جعلنا القبلة التي كنت عليها وهي الكعبة و ) إلاّ لنعلم من يتبع الرسول ( فإن قلت ما معنى قوله : إلاّ لنعلم وهو عالم بالأشياء كلها قبل كونها قلت : أراد به العلم الذي يتعلق به الثواب والعقاب فإنه لا يتعلق بما هو عالم به في الغيب إنما يتعلق بما يوجد.
والمعنى لنعلم الذي يستحق العامل عليه الثواب والعقاب، وقيل : العلم هنا بمعنى الرؤية أي لنرى ونميز الرسول في القبلة ممن ينقلب علي عقبيه وقيل : معناه إلاّ لتعلم رسلي وحزبي وأوليائي من المؤمنين من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وكان من شان العرب إضافة ما فعله الاتباع إلى الكبير.
كقولهم : فتح عمر العراق وجبى خراجها وإنما فعل ذلك أتباعه عن أمره، وقيل إنما قال إلاّ لنعلم وهو بذلك عالم قبل كونه على وجه الرفق بعباده ومعناه إلاّ لتعلموا، أنتم إذ كنتم جهالاً به قبل كونه بإضافة العلم إلى نفسه رفقاً بعباده المخاطبين.
وقيل : معناه لعلمنا لأنه تعالى سبق في علمه أن تحويل القبلة سبب لهداية قوم وضلالة آخرين ومعنى من يتبع الرسول أي يطيعه في أمر القبلة وتحويلها ) ممن ينقلب على عقبيه ( اي يرجع إلى ما كان عليه من الكفر فيرتد، وفي الحديث ( إنه لما تحولت القبلة إلى الكعبة ارتد قوم إلى اليهودية وقالوا رجع محمد إلى دين آبائه ) ) وإن كانت ( أي وقد كانت ) لكبيرة ( يعني تولية القبلة ثقيلة شاقة وقيل هي التولية من بيت المقدس إلى الكعبة وقيل الكبيرة هي القبلة التي وجهه إليها قيل التحويل وهي بيت المقدس، وأنث الكبيرة لتأنيث القبلة وقيل : لتأنيث التولية ) إلا على الذين هدى الله ( يعني الصادقين في اتباع الرسول ) وما كان الله ليضيع إيمانكم ( يعني صلاتكم إلى بيت المقدس، وذلك


الصفحة التالية
Icon