صفحة رقم ١٢٥
) فلا تخشوهم ( أي فلا تخافوهم في انصرافكم إلى الكعبة في تظاهرهم عليكم بالمجادلة الباطلة فإني وليكم وناصركم، أظهركم عليهم بالحجة والنصرة ) واخشوني ( أي احذروا عقابي إن أنتم عدلتم عما ألزمتكم به وفرضته عليكم ) ولأتم نعمتي عليكم ( ولكي أتم نعمتي عليكم بهدايتي إلى قبلة إبراهيم لتتم لكم الملة الحنيفية.
وقيل : تمام النعمة الموت على الإسلام ثم دخول الجنة ثم رؤية الله تعالى :( ولعلكم تهتدون ( أي لكي تهتدوا من الضلالة.
ولعل وعسى من الله واجب.
البقرة :( ١٥١ - ١٥٢ ) كما أرسلنا فيكم...
" كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون " ( قوله عز وجل :( كما أرسلنا فيكم ( كاف التشبيه تحتاج إلى شيء ترجع إليه فقيل ترجع إلى ما قبلها ومعناه ولأتم نعمتي عليكم كما أرسلنا فيكم وقيل إن إبراهيم قال : ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم وقال : ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك، فبعث الله فيهم رسولاً منهم وهو محمد ( ﷺ ) ووعده إجابة الدعوة الثانية بأن يجعل في ذريته أمة مسلمة، والمعنى كما أجبت دعوته ببعثة الرسول كذلك أجبت دعوته بأن أهديكم لدينه، وأجعلكم مسلمين، وأتم نعمتي عليكم ببيان شرائع الملة الحنيفية.
وقيل : إن الكاف متعلقة بما بعدها وهو قوله :( فاذكروني أذكركم ( والمعنى كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم فاذكروني، ووجه التشبيه أن النعمة بالذكر جارية مجرى النعمة بإرسال الرسول، وإن قلنا : إنها متعلقة بما قبلها كان وجه التشبيه أن النعمة في أمر القبلة كالنعمة بالرسالة، وفيكم خطاب لأهل مكة والعرب وكذا قوله منكم، وفي إرساله رسولاً منهم نعمة عظيمة عليه لما فيه من الشرف لهم ولأن المعروف من حال العرب الأنفة الشديدة من الانقياد للغير فكان بعثة الرسول منهم وفيهم أقرب إلى قبول قوله والانقياد له، والمعنى كما أرسلنا فيكم في معشر العرب ) رسولاً منكم ( يعني محمداً ( ﷺ ) ) يتلو عليكم آياتنا ( يعني القرآن وذلك من أعظم النعم لأنه معجزة باقية على الدهر ) ويزكيكم ( أي ويطهركم من دنس الشرك والذنوب وقيل يعلمكم ما إذا فعلتموه صرتم أذكياء مثل محاسن الأخلاق ومكارم الأفعال ) ويعلمكم الكتاب ( يعني أحكام الكتاب وهو القرآن وقيل إن التعليم غير التلاوة فليس بتكرار ) والحكمة ( يعني السنة والفقه في الدين ) ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ( يعني يعلمكم من أخبار الأمم الماضية والقرون الخالية وقصص الأنبياء والخبر عن الحوادث المستقبلية مما لم تكونوا تعلمون وذلك قبل بعثة رسول الله ( ﷺ ) ) فاذكروني ( قيل الذكر يكون باللسان، وهو أن يسبحه ويحمده ويمجده ونحو ذلك من الأذكار، ويكون القلب وهو أن يتفكر في عظمة الله تعالى، وفي الدلائل الدالة على وحدانيته، ويكون بالجوارح وهو أن تكون مستغرقة في الأعمال التي أمروا بها، مثل الصلاة وسائر الطاعات التي للجوارح فيها فعل ) أذكركم ( أي بالثواب والرضا عنكم قال ابن عباس :