صفحة رقم ١٣٤
) خالدين فيها ( أي مقيمين في اللعنة وقيل : في النار وإنما أضمرت لعظم شأنها ) لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون ( أي لا يمهلون ولا يؤجلون.
وقيل : لا ينظرون ليعتذروا.
وقيل : لا ينظر إليهم نظر رحمة.

فصل فيما يتعلق بهذه الآية من الحكم


قال العلماء : لا يجوز لعن كافر معين لأن حاله عند الوفاة لا يعلم فلعله يموت على الإسلام وقد شرط الله في هذه الآية إطلاق اللعنة على من مات على الكفر ويجوز لعن الكفار يدل عليه قوله ( ﷺ ) :( لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها ) وذهب بعضهم إلى جواز لعن إنساناً معين من الكفار، بدليل جواز قتاله وأما العصاة من المؤمنين فلا يجوز لعنة أحد منهم على التعين وأما على الإطلاق فيجوز لما روي أن النبي ( ﷺ ) قال :( لعن الله السارق يسرق البيضة والحبل فتقطع يده ) ولعن رسول الله ( ﷺ ) الواشمة والمستوشمة وآكل الربا ومؤكله ولعن من غير منار الأرض، ومن انتسب لغير أبيه وكل هذه في الصحيح.
قوله عز وجل :( وإلهكم إله واحد ( سبب نزول هذه الآية، أن كفار قريش قالوا : يا محمد صف لنا ربك وانسبه، فأنزل الله هذه الآية وسورة الإخلاص ومعنى الوحدة الانفراد، وحقيقة الواحد هو الشيء الذي لا يتبعض ولا ينقسم والواحد في صفة الله أنه واحد لا نظير له وليس كمثله شيء وقيل واحد في ألوهيته وربوبيته وليس له شريك لأن المشركين أشركوا معه الآلهة فكذبهم الله تعالى بقوله :( وإلهكم إله واحد ( يعني لا شريك له في ألوهيته ولا نظير له في الربوبية والتوحيد، هو نفي الشريك والقسيم والشبيه فالله تعالى واحد في أفعاله ولا شريك يشاركه في مصنوعاته وواحد في ذاته لا قسيم له وواحد في صفاته لا يشبهه شيء من خلقه ) لا إله إلاّ هو ( تقرير للوحدانية بنفي غيره من الألوهية وإثباتها له سبحانه وتعالى :( الرحمن الرحيم ( يعني أنه المولى لجميع النعم وأصولها وفروعها فلا شيء سواه بهذه الصفة لأن كل ما سواه إما نعمة وأما منعم عليه.
وهو المنعم على خلقه الرحيم بهم.
عن أسماء بنت يزيد سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول :( اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين :( وإلهكم إله واحد لا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم (، وفاتحة آل عمران :( الم الله لا إله إلاّ هو الحي القيوم ( ) أخرجه أبو داود والترمذي وقال حديث صحيح.
وقيل : لما نزلت هذ الآية.
قال المشركون : إن محمداً يقول :( إلهكم إله واحد فليأتنا بآية ن كان صادقاً ) )
البقرة :( ١٦٤ ) إن في خلق...
" إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون " ( فأنزل الله تعالى :( إن في خلق السموات والأرض ( وعلمه كيفية الاستدلال على وحدانية الصانع، وردهم إلى التفكر في آياته والنظر في عجائب مصنوعاته وإتقان أفعاله ففي ذلك دليل على وحدانيته إذ لو كان في الوجود صانعان لهذه الأفعال، لاستحال اتفاقهما على أمر واحد ولامتنع في أفعالهما التساوي في صفة الكمال فثبت بذاك أن خالق هذا العالم والمدبر له واحد قادر مختار، فبين سبحانه وتعالى من عجائب مخلوقاته ثمانية أنواع أولها : إن في خلق السموات والأرض وإنما جمع السموات لأنها أجناس مختلفة كل سماء من جنس غير جنس الأخرى ووحد الأرض جنس واحد وهو التراب، والاية في السماء هي سمكها وارتفاعها بغير عمد، ولا علاقة وما يرى فيها من الشمس والقمر والنجوم، والآية في الأرض مدها وبسطها على الماء،


الصفحة التالية
Icon