صفحة رقم ١٣٧
دعوا الله مخلصين له الدين.
والمؤمنون لا يعدلون عن الله تعالى في السراء ولا في الضراء ولا في الشدة ولا في الرخاء وقيل : إن المؤمنين يوحدون ربهم والكفار يعبدون أصناماً كثيرة فتنقص المحبة لصنم واحد.
وقيل : إنما هو قال ) والذين آمنوا أشد حباً لله ( لأن الله أحبهم أولاً فأحبوه ومن شهد له المعبود بالمحبة كانت محبته أتم وسيأتي بسط الكلام في معنى المحبة عند قوله : يحبهم ويحبونه ) ولو يرى الذين ظلموا ( قرئ بالتاء والمعنى ولو ترى يا محمد الذين ظلموا.
يعني أشركوا في شدة العذاب، لرأيت أمراً عظيماً وقرئ بالياء ومعناه ولو يرى الذين ظلموا أنفسهم عند رؤية العذاب حين يقذف بهم في النار لعرفوا مضرة الكفر وأن ما اتخذوه من الأصنام لا ينفعهم ) إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعاً ( معناه لو رأى الذين كانوا يشركون في الدنيا عذاب الآخرة لعلموا حين يرون العذاب أن القوة ثابتة لله جميعاً، والمعنى أنهم شاهدوا من قدرة الله تعالى ما تيقنوا معه أن القوة له جميعاً، وأن الأمر ليس على ما كانوا عليه من الشرك والجحود ) وأن الله شديد العذاب (
البقرة :( ١٦٦ - ١٦٧ ) إذ تبرأ الذين...
" إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار " ( قوله عز وجل :( إذ تبرأ ( أي تنزه وتباعد ) الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب ( أي القادة من مشركي الإنس من الأتباع وذلك يوم القيامة حين يجمع القادة والأتباع فيتبرأ بعضهم من بعض عند نزول العذاب بهم وعجزهم عن دفعه عن أنفسهم فكيف عن غيرهم.
وقيل : هم الشياطين يتبرؤون من الإنس، والقول هو الأول ) وتقطعت بهم الأسباب ( يعني الوصلات التي كانت بينهم في الدنيا يتواصلون بها من قرابة وصداقة.
وقيل : الأعمال التي كانت بينهم يعملونها في الدنيا.
وقيل : العهود والحلف التي كانت بينهم يتوادون عليها.
وأصل السبب في اللغة الحبل الذي يصعد به النخل وسمي كل ما يتوصل به إلى شيء من ذريعة أو قرابة أو مودة سبباً تشبيهاً بالحبل الذي يصعد به ) وقال الذين اتبعوا ( يعني الأتباع ) لو أن لنا كرة ( أي رجعة إلى الدنيا ) فنتبرأ منهم ( أي من المتبوعين ) كما تبرؤوا منا ( اليوم ) كذلك يريهم الله ( أي كما أراهم العذاب يريهم الله ) أعمالهم حسرات عليهم ( لأنهم أيقنوا بالهلاك.
والحسرة الغم على ما فاته وشدة الندم عليه كأنه انحسر عنه الجهل الذي حمله على ما ارتكبه، والمعنى أن الله تعالى يريهم السيئات التي عملوها، وارتكبوها في الدنيا فيتحسرون لم عملوها ؟.
وقيل : يريهم ما تركوا