صفحة رقم ١٥١
مع النية ) كما كتب على الذين من قبلكم ( يعني من الأنبياء والأمم من لدن آدم إلى عهدكم والمعنى أن الصوم عبادة قديمة أي في الزمن الأول ما أخلى الله أمة لم يفرضه عليهم كما فرضه عليكم وذلك لأن الصوم عبادة شاقة والشيء الشاق إذا عم سهل عمله وقيل إن صيام شهر رمضان كان واجباً على النصارى كما فرض علينا فصاموا رمضان زماناً فربما وقع في الحر الشديد والبر الشديد وكان يشق ذلك عليهم في أسفارهم ويضرهم في معايشهم فاجتمع رأي علمائهم ورؤسائهم أن يجعلوه في فصل من السنة معتدل بين الصيف والشتاء : فجعلوه في فصل الربيع ثم زادوا فيه عشرة أيام كفارة لما صنعوا فصاموا أربعين يوماً، ثم بعد زمان اشتكى ملكهم فمه فجعل لله عليه إن هو برأ من وجعه أن يزيد في صومهم أسبوعاً فبرأ فيه أسبوعاً، ثم مات ذلك الملك بعد زمان ووليهم ملك آخر فقال : ما شأن هذه الثلاثة أيام أتموه خمسين يوماً فأتموه وقيل أصابهم موتان فقالوا : زيدوا في صيامكم فزادوا عشراً قبله وعشراً بعده.
وقيل : إن النصارى فرض الله عليهم صوم رمضان فصاموا قبله يوماً وبعده يوماً ثم لم يزالوا يزيدونه يوماً بعد يوم حتى بلغ خمسين فلذلك نهى عن صوم يوم الشك ) لعلكم تتقون ( يعني ما حرم عليكم في صيامكم لأن الصوم وصلة إلى التقوى لما فيه من كسر النفس وترك الشهوات من الأكل والجماع وغيرهما.
وقيل : معناه لعلكم تتقون ما فعله النصارى من تغيير الصوم وقيل : لعلكم تنتظمون في زمرة المتقين لأن الصوم من شعارهم.
البقرة :( ١٨٤ ) أياما معدودات فمن...
" أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون " ( ) أياماً معدودات ( أي مقدرات.
وقيل قليلات.
وقيل : إنه كان في ابتداء الإسلام صوم ثلاثة أيام من كل شهر واجباً وصوم يوم عاشوراء ثم نسخ ذلك بفريضة صوم شهر رمضان.
قال ابن عباس أول ما نسخ بعد الهجرة أمر القبلة ثم الصوم
( ق ) عن عائشة قالت : كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله ( ﷺ ) يصومه في الجاهلية فلما قدم رسول الله ( ﷺ ) المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه وقيل إن المراد من قوله أياماً معدودات أيام شهر رمضان ووجهه أن الله تعالى قال أولاً :( كتب عليكم الصيام ( وهذا يحتمل صوم يوم أو يومين ثم بينه بقوله : معدودات