صفحة رقم ١٥٤
من القرء وهو الجمع فسمي قرآناً لأنه يجمع السور والآيات بعضها إلى بعض، ويجمع الأحكام والقصص والأمثال والآيات الدالة على وحدانية الله تعالى.
قال ابن عباس أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر من شهر رمضان فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا، ثم نزل به جبريل على محمد ( ﷺ ) نجوماً في ثلاث وعشرين سنة فذلك قوله :( فلا أقسم بمواقع النجوم ( " وروى أبو داود عن النبي ( ﷺ ) أنه قال :( أنزلت صحف إبراهيم في ثلاث ليال مضين من رمضان، وفي رواية في أول ليلة من رمضان وأنزلت توارة موسى في ست ليال مضين من رمضان وأنزل إنجيل عيسى في ثلاث عشرة ليلة مضت من رمضان، وأنزل زبور داود في ثمان عشرة ليلة مضت من رمضان، وأنزل الفرقان على محمد ( ﷺ ) في الرابعة والعشرين لست بقين بعدها ) فعلى هذا يكون ابتداء نزول القرآن على محمد ( ﷺ ) في شره رمضان، وهو قول ابن إسحاق وأبي سليمان الدمشقي وقيل في معنى الآية شهر رمضان الذي نزل بفرض صيامه القرآن كما تقول نزلت هذه الآية في الصلاة والزكاة ونحو ذلك من الفرائض يروى ذلك عن مجاهد والضحاك وهو اختيار الحسن بن الفضل ) هدى للناس ( يعني من الضلال ) وبينات من الهدى والفرقان (.
فإن قلت هذا فيه إشكال وهو أنه يقال ما معنى قوله : وبينات من الهدى بعد قوله هدى للناس ؟ قلت إنه تعالى ذكراً أولاً أنه هدى ثم هدى على قسمين : تارة يكون هدى جلياً وتارة لا يكون كذلك، فكأنه قال هو هدى في نفسه ثم قال : هو المبين من الهدى الفارق بين الحق والباطل وقيل : إن القرآن هدى في نفسه فكأنه قال : إن القرآن هدى للناس على الإجمال وبينات من الهدى والفرقان على التفصيل، لأن البينات هي الدلالات الواضحات التي تبين الحلال والحرام والحدود والأحكام، ومعنى الفرقان الفارق بين الحق والباطل.
قوله عز وجل :( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ( أي فمن كان حاضراً مقيماً غير مسافر فأدركه الشهر فليصمه والشهود الحضور، وقيل : هو محمول على العادة بمشاهد الشهر وهي رؤية الهلال ولذلك قال النبي ( ﷺ ) :( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) أخرجاه في الصحيحين، ولا خلاف أنه يصوم رمضان