صفحة رقم ١٧٣
من استطاع إلى ذلك سبيلاً ) وعن ابن عباس قال :( العمرة واجبة كوجوب الحج ) وعن ابن مسعود قال قال رسول الله ( ﷺ ) :( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس لحجة مبرورة ثواب إلاّ الجنة ) أخرجه النسائي والترمذي وزاد :( وما من مؤمن يظل يومه محرماً إلاّ غابت الشمس بذنوبه ) وقال حديث حسن صحيح.
وجه الدليل أنه أمر بالمتابعة بين الحج والعمرة والأمر للوجوب ولأنها قد نظمت مع الحج في الأمر بالإتمام فكانت واجبه كالحج، وحجة من قال بأنها سنة ما روي عن جابر قال :( سئل رسول الله ( ﷺ ) عن العمرة أواجبة هي ؟ قال :( لا وأن تعتمروا خير لكم ( أخرجه الترمذي.
وأجيب عنه بأن هذا الحديث يرويه حجاج بن أرطأة وحجاج ليس ممن يقبل منه ما تفرد به لسوء حفظه وقلة مراعاته لما يحدث به واجتمعت الأمة على جواز أداء الحج والعمرة على ثلاثة أنواع إفراد وتمتع وقران فصورة الإفراد أن يحج ثم بعد فراغه منه يعتمر من أدنى الحل أو يعتمر قبل أشهر الحج ثم يحج في تلك السنة.
وصورة التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويأتي بأعمالها فإذا فرغ من أعمالها أحرم بالحج من مكة في تلك السنة وإنما سمي تمتعاً لأنه يستمتع بمحظورات الإحرام بعد التحلل من العمرة إلى أن يحرم بالحج.
وصورة القرآن أن يحرم بالحج والعمرة معاً في أشهر الحج فينويهما بقلبه وكذلك لو أحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم أدخل عليها الحج قبل أن يفتتح الطواف فيصير قارناً.
واختلفوا في الأفضل فذهب مالك والشافعي إلى أن الإفراد أفضل ثم التمتع ثم القرآن يدل عليه ما روي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله أفرد الحج، أخرجه مسلم وله عن ابن عمر قال : أهللنا مع رسول الله ( ﷺ ) الحج مفرداً، وفي رواية إن رسول الله ( ﷺ ) أهل بالحج مفرداً، وله عن جابر قال : قدمنا مع رسول الله ( ﷺ ) ونحن نصرخ بالحج صراخاً.
وعن ابن عمر قال : افصلوا بين حجكم وعمرتكم فإن ذلك أتم لحج أحدكم وأتم لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج.
أخرجه مالك في الموطأ وذهب الثوري وأبو حنيفة إلى أن القرآن أفضل يدل عليه ما روي عن أنس قال سمعت رسول الله ( ﷺ ) يلبي بالحج والعمرة جميعاً وفي رواية سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول لبيك عمرة وحجاً، أخرجاه في الصحيحين.
وذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه إلى أن