صفحة رقم ١٨٢
رجع كيوم ولدته أمه ) ) ولا جدال في الحج ( قال ابن عباس الجدال هو المراء وهو أن يماري الرجل صاحبه ويخاصمه حتى يغضبه وقيل : هو قول الرجل الحج اليوم يقول آخر الحج غماً وقيل هو أن النبي ( ﷺ ) قال في حجة الوداع وقد أحرموا بالحج ( اجعلوا أهلاً لكم بالحج عمرة إلاّ م قلد الهدي قالوا كيف نجعلها عمرة وقد سمينا الحج فهذا كان جدالهم ) وقيل : هو ما كان عليه أهل الجاهلية كان بعضهم يقف بعرفة وبعضهم بمزدلفة وكان بعضهم يحج في ذي القعدة وبعضهم في ذي الحجة وكل يقول الصواب فيما فعلته فأنزل الله :( ولا جدال في الحج ( فأخبر أن أمر الحج قد استقر على ما فعله رسول الله ( ﷺ ) فلا خلاف فيه بعده وذلك معنى قول النبي ( ﷺ ) :( ألا أن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ) وقيل : معناه ولا شك في الحج أنه في ذي الحجة فأبطل النسيء وقيل : ظاهر الآية خبر ومعناه نهي أي لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا في الحج وإنما نهي عن ذلك وأمر باجتنابه في الحج وإن كان اجتناب ذلك في كل الأحوال والأزمان واجباً لأن الرفث والفسوق والجدال في الحج أسمج وأفظع منه في غيره ) وما تفعلوا من خير يعلمه الله ( أي لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وهو الذي يجازيكم عليها، حث الله على فعل الخير عقيب النهي عن الشر وهو أن يستعملوا مكان الرفث الكلام الحسن ومكان الفسوق البر والتقوى ومكان الجمال الوفاق والأخلاق الجملية، وقيل : جعل فعل الخير عبارة عن ربط الأنفس عن الشر حتى لا يوجد منهم ما نهوا عنه.
وقيل : إنما ذكر الخير وإن كان عالماً بجميع أفعال العباد من الخير والشر لفائدة، وهي أنه تعالى إذا علم من العبد الخير ذكره وشهره وإذا علم منه الشر ستره وأخفاه فإذا كان هذا فعله مع عبده في الدنيا فكيف يكون في العقبى وهو أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين ) وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ( نزلت في أناس من أهل اليمن كانوا يخرجون للحج من غير زاد ويقولون نحن متوكلون ويقولون نحج بيت ربنا أفلا يطعمنا فإذا قدموا مكة سألوا الناس وربما أفضى بهم الحال إلى النهب والغصب فأنزل الله وتزودوا أي ما تتبلغون به وتكفون به وجوهكم عن الناس واتقوا إبرامهم والتثقيل عليهم فإن خير الزاد التقوى وقيل في معنى الآية وتزدادوا من التقوى فإن الإنسان لا بد له من سفر في الدنيا، ولا بد فيه من زاد ويحتاج فيه إلى الطعام والشراب والمركب وسفر من الدنيا إلى الآخرة، ولا بد فيه من زاد أيضاً وهو تقوى الله والعمل بطاعته وهذا الزاد أفضل من الزاد الأول، فإن زاد الدنيا يوصل إلى مراد النفس وشهواتها، وزاد الآخرة يوصل إلى


الصفحة التالية
Icon