صفحة رقم ١٩٧
شرائع الإسلام ولا يتمسكوا بالتوراة فإنها منسوخة.
والمعنى استسلموا لله وأطيعوه فيما أمركم به وقيل هو خطاب لمن لم يؤمن بمحمد ( ﷺ ) من أهل الكتاب.
والمعنى : يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى ادخلوا في السلم كافة أي في الإسلام.
وروى جابر عن النبي ( ﷺ ) حين أتاه عمر فقال إنا نسمع أحاديث من يهود وتعجبنا فنرى أن نكتب بعضها فقال النبي ( ﷺ ) :( أتتهوكون كما تهوكت اليهود والنصارى، لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولو أن موسى حي ما وسعه إلاّ اتباعي ) قوله أتتهوكون أي تتحيرون أنتم في دينكم حتى تأخذوه من اليهود والنصارى، وقوله لقد جئتكم بها يعني بالملة الحنيفية بيضاء نقية، أي لا تحتاج إلى شيء، وقيل يحتمل أن يكون خطاباً للمنافقين من المؤمنين، والمعنى يا أيها الذين آمنوا بألسنتهم ادخلوا في السلم أي الانقياد والطاعة لأن أصل السلم الاستسلام، وهو الانقياد كافة، أي بأجمعكم ولا تتفرقوا، وقيل يحتمل أن يرجع إلى الإسلام والمعنى ادخلوا في أحكام الإسلام وشرائعه كافة وهذا المعنى أليق بظاهر التفسير لأنهم أمروا بالقيام بها كلها.
قال حذيفة بن اليمان في هذه الآية : للإسلام ثمانية أسهم فعل الصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال : وقد خاب من لا سهم له ) ولا تتبعوا خطوات الشيطان ( يعني آثاره فيما زين لكم من تحريم السبت ولحوم الإبل وغير ذلك، وقيل : لا تلتفتوا إلى الشبهات التي يلقيها إليكم أصحاب الضلالة والغواية والأهواء المضلة لأن من اتبع سنة إنسان فقد تبع آثره ) إنّه لكم عدو مبين ( يعني الشيطان.
فإن قلت عداوته بإيصال الضرر وإلقاء الوسوسة فكيف يصح ذلك مع الإعتقاد، فإن الله هو الفاعل لجميع الأشياء، قلت : إنه يحاول إيصال الضرر والبلاء إلينا، ولكن الله منعه عن ذلك وأما معنى الوسوسة فمعلوم أنه يزين المعاصي وإلقاء الشبهات، وكل سبب لوقوع الإنسان في مخالفة الله تعالى فيصده بذلك عن الثواب، فهذا من أعظم جهات العداوة.
فإن قلت : كيف يصح وصف الشيطان بأنه مبين مع أنا لا نراه ؟ قلت : إن الله تعالى بين عداوته ما هي فكأنه بين وإن لم يشاهد ) فإن زللتم ( أي ملتم وضللتم وقال ابن عباس أشركتم ) من بعد ما جاءتكم البينات ( أي الدلالات الواضحات ) فاعلموا أن الله عزيز ( أي في نقمته ممن خالفه غالب لا يعجزه شيء ) حكيم ( يعني أنه لا ينتقم إلاّ بحق والحيكم ذو الإصابة في الأمور كلها وفي الآية وعيد وتهديد لمن في قلبه شك ونفاق، أو عنده شبهة في الدين.
البقرة :( ٢١٠ - ٢١١ ) هل ينظرون إلا...
" هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب " ( قوله عز وجل :( هل ينظرون ( أي ينتظرون التاركون الدخول في السلم والمتبعون خطوات الشيطان ) إلاّ أن يأتيهم الله في ظلل ( جمع ظلة ) من الغمام ( يعني السحاب الأبيض الرقيق سمي غماماً لأنهم يغم ويستر وقيل هو شيء غير السحاب ولم يكن إلاّ لبني إسرائيل في تيههم وهو كهيئة الضباب الأبيض ) والملائكة (


الصفحة التالية
Icon