صفحة رقم ٢٠١
فإن قيل : أليس قد كان فيهم من هو مسلم نحو هابيل وشيث وإدريس ونحوهم ؟ فالجواب أن الغالب في ذلك الزمان كان الكفر والحكم للغالب.
وقيل إن الآية دلت على أن الناس كانوا أمة واحدة وليس فيها ما يدل على كانوا على إيمان أو كفر فهو موقوف على دليل من خارج ) فبعث الله النبيين ( وجملتهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً الرسل منهم ثلثمائة وثلاثة عشر المذكورون منهم في القرآن بأسماء الأعلام ثمانية وعشرون نبياً ) مبشرين ( بالثواب لمن آمن وأطاع ) ومنذرين ( يعني مخوفين بالعقاب لمن كفر وعصى، وإنما قدم البشارة على الإنذار لأن البشارة تجري مجرى حفظ الصحة للأبدان والإنذار يجري مجرى إزالة المرض، ولا شك أن المقصود هو الأول فكان أولى بالتقديم ) وأنزل معهم الكتاب ( أي الكتب أو يكون التقدير وأنزل مع كل واحد الكتاب ) بالحق ( أي بالعدل والصدق وجملة الكتب المنزلة من السماء مائة وأربعة كتب أنزل على آدم عشر صحائف، وعلى شيث ثلاثون، وعلى إدريس خمسون، وعلى موسى عشر صحائف والتوراة، وعلى داود الزبور، وعلى عيسى الإنجيل، وعلى محمد ( ﷺ ) وعليهم القرآن ) ليحكم بين الناس ( يعني الكتاب وإنما أضيف الحكم إلى الكتاب وإن كان الحاكم هو الله تعالى لأنه أنزله.
والمعنى ليحكم الله بالكتاب الذي أنزله وقيل معناه ليحكم بين الناس كل نبي بكتابة المنزل عليه فإسناد الحكم إلى الكتاب أو للنبي مجاز والله هو الحاكم في الحقيقة ) فيما اختلفوا فيه ( أي في الحق الذي اختلفوا فيه من بعد ما كانوا متفقين عليه ) وما اختلف فيه ( أي في الحق ) إلاّ الذين أوتوه ( أي أعطوا الكتاب والمراد به التوراة والإنجيل والذين أوتوه اليهود والنصارى واختلافهم هو تكفير بعضهم بعضاً بغياً وحسداً.
وقيل اختلافهم هو تحريفهم وتبديلهم.
وقيل الكناية فيه راجعة إلى محمد ( ﷺ ) والمعنى وما اختلف في أمر محمد ( ﷺ ) بعد وضوح الدلالات على صحة نبوته ( ﷺ ) إلاّ اليهود الذين أوتوا الكتبا بغياً منهم وحسداً ) من بعد ما جاءتهم البينات ( أي الدلالات الواضحات على صحة نبوة محمد ( ﷺ ) ) بغياً بينهم ( أي إنهم لم يبق لم عذر في العدول عنه وترك ما جاء وإنما تركوا إتباعه بغياً