صفحة رقم ٢٠٣
الزلزلة الحركة وذلك لأن الخائف لا يستقر بل لا يزال يضطرب ويتحرك لقلقه ) حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ( وذلك لأن الرسل أثبت من غيرهم وأصبر وأضبط للنفس عند نزول البلاء وكذا أتباعهم من المؤمنين.
والمعنى أنه بلغ بهم الجهد والشدة والبلاء ولم يبق لهم صبر وذلك هو الغاية القصوى في الشدة فلما بلغ بهم الحال في الشدة إلى هذه الغاية واستبطؤا النصر قيل لهم ) ألا إن نصر الله قريب ( إجابه لهم في طلبهم.
والمعنى : هكذا كان حالهم لم يغيرهم طول البلاء والشدة عن دينهم إلى أن يأتيهم نصر الله فكونوا يا معشر المؤمنين كذلك وتحملوا الأذى والشدة والمشقة في طلب الحق فإن نصر الله قريب
( خ ) عن خباب بن الأرت قال : شكونا إلى رسول الله ( ﷺ ) وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا ألا تنصر لنا ألا تدعو لنا فقال :( قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه والله ليتمنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلاّ الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ) )
البقرة :( ٢١٥ - ٢١٦ ) يسألونك ماذا ينفقون...
" يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون " ( قوله عز وجل :( يسألونك ماذا ينفقون ( نزلت في عمرو بن الجموح، وكان شيخاً كبيراً ذا مال، فقال يا رسول الله بماذا نتصدق وعلى من ننفق ؟ فأنزل الله تعالى ) يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير ( أي مال والمعنى : وما تفعلوا من إنفاق شيء من المال قل أو كثر ) فللوالدين ( وإنما قدم الإنفاق على الوالدين لوجوب حقهما على الولد لأنهما كانا السبب في إخراجه من العدم إلى الوجود ) والأقربين ( وإنما ذكر بعد الوالدين الأقربين لأن الإنسان لا يقدر أن يقوم بمصالح جميع الفقراء فتقديم القرابة أولى من غيرهم ) واليتامى ( وإنما ذكر بعد الأقربين اليتامى لصغرهم، ولأنهم لا يقدرون على الاكتساب، ولا لهم أحد ينفق عليهم ) والمساكين ( وإنما أخرهم لأن حاجتهم أقل من حاجة غيرهم ) وابن السبيل ( يعني المسافر فإنه بسبب انقطاعه عن بلده قد يقع في الحاجة والفقر فانظر إلى هذا الترتيب الحسن العجيب في كيفية الإنفاق.
ثم لما فصل الله هذا التفصيل الحسن الكامل أتبعه بالإجمال فقال تعالى :( وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم ( وما تفعلوا من خير مع هؤلاء أو غيرهم طلباً لوجه الله تعالى ورضوانه فإن الله به عليم فيجازيكم عليه وذكر علماء التفسير أن هذه الاية منسوخة قال ابن مسعود نسختها آية الزكاة وقال الحسن إنها محكمة ووجه إحكامها أن الله ذكر فيها من تجب النفقة عليه مع فقره وهما الوالدان.
وقال ابن زيد : هذا في النفل، وهو ظاهر الآية فمن أجب التقرب إلى الله تعالى بالإنفاق فالأولى به أن ينفق في الوجوه المذكورة في الآية، فيقدم الأول فالأول.
( بقي في الآية سؤال : وهو أنه كيف طابق السؤال الجواب وهو أنهم سألوا عن بيان ما ينفق فأجيبوا ببيان المصرف، وأجيب عن هذا السؤال بأنه قد تضمن قوله : ما أنفقتم من خير بيان ما ينفقونه وهو المال ثم ضم إلى جواب السؤال ما يكمل به المقصود، وهو بيان المصرف لأن النفقة لا تعد نفقة إلاّ أن تقع موقعها ) قال الشاعر :
إن الصنيعة لا تعد صنيعة
حتى يصاب بها طريق المصنع
" قوله عز وجل :( كتب عليكم القتال ( أي فرض عليكم الجهاد.
واختلف العلماء في حكم


الصفحة التالية
Icon