صفحة رقم ٢٠٧
أي الشرك الذي أنتم عليه ) أكبر من القتل ( يعني قتل ابن الحضرمي في الشهر الحرام فلما نزلت هذه الآية كتب عبدالله بن أنيس وقيل : عبدالله بن جحش إلى مؤمني مكة إن عيركم المشركون بالقتال في الشهر الحرام فعيروهم أنتم بالكفر وبإخراج رسول الله ( ﷺ ) من مكة والمسلمين، ومنعهم إياهم من البيت ) ولا يزالون ( يعني مشركي مكة ) يقاتلونكم ( يعني يا معشر المؤمنين ) حتى يردوكم عن دينكم ( يعني إلى دينهم وهو الكفر ) إن استطاعوا ( يعني إن قدروا على ذلك وفيه استبعاد لاستطاعتهم فهو كقول الرجل لعدوه إن ظفرت بي فلا تبق علي وهو واثق أنه لا يظفر به ) ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر ( يعني ومن يطاوعهم منكم فيرجع إلى دينهم فيمت على ردته قبل أن يتوب ) فأولئك حبطت أعمالهم ( أي بطلت أعمالهم ) في الدنيا والآخرة ( وهو أن المرتد يقتل وتبين زوجته منه، ولا يستحق الميراث من أقاربه المؤمنين ولا ينصر إن استنصر ولا يمدح ولا يثنى عليه ويكون ماله فيئاً للمسلمين هذا في الدنيا، ولا يستحق الثواب على أعماله ويحبط أجرها في الآخرة وظاهر الآية يقتضي أن الارتداد إنما تتفرع عليه الأحكام إذا مات المرتد على الكفر، أما إذا أسلم بعد الردة لم يثبت عليه شيء من أحكام الردة وفيه دليل للشافعي أن الردة لا تحبط الأعمال حتى يموت المرتد على ردته.
وعند أبي حنيفة أن الردة تحبط العمل وإن أسلم ) وأولئك أصحاب النار ( يعني الذين ماتوا على الردة والكفر هم أصحاب النار ) هم فيها خالدون أي لا يخرجون منها أبداً ) إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله ( نزلت في عبدالله بن جحش وأصحابه وذلك أن أصحاب السرية قالوا : يا رسول الله هل نؤجر على وجهنا هذا نطمع أن يكون لنا غزو.
فأنزل الله هذه الآية، وعن جندب بن عبدالله قال : لما كان من أمر الله عبدالله بن جحش وأصحابه وأمر ابن الحضرمي ما كان قال بعض المسلمين : إن لم يكونوا أصابوا في سفرهم وزراً فليس لهم فيه أجر فأنزل الله هذه الاية ) إن الذين آمنوا والذين هاجروا ( أي فارقوا مساكنهم وعشائرهم وأموالهم وفارقوا مساكنة المشركين في أمصارهم، ومجاورتهم في ديارهم فتحولوا عن المشركين وعن بلادهم إلى غيرها، وجاهدوا يعني المشركين في سبيل الله أي في طاعة الله فجعل الله لأصحاب هذه السرية جهاداً ) أولئك يرجون رحمة الله ( أي يطمعون في نيل رحمة الله أخبر أنهم على رجاء الرحمة.
وقيل : المراد من الرجاء هنا القطع في أصل الثواب وإنما دخل الظن في كميته ووقته.
قال قتادة : أثنى الله تعالى على أصحاب رسول الله ( ﷺ ) أحسن الثناء فقال :( إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله ( " هؤلاء هم خيار هذه الأمة ثم جعلهم الله أهل رجاء كما تسمعون وأنه من رجا طلب ومن خاف هرب ) والله غفور ( أي لذنوب عباده ) رحيم ( بهم والمعنى أنه تعالى غفر لعبدالله بن جحش وأصحابه ما لم يعلموا به.
البقرة :( ٢١٩ ) يسألونك عن الخمر...
" يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون " ( ) يسألونك عن الخمر والميسر (


الصفحة التالية
Icon