صفحة رقم ٢٢٢
عليه وسلم :( إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ( أخرجاه في الصحيحين.
المسألة الثالثة : إذا حلف على أمر في المستقبل، فحنث فعليه الكفارة وإن كان على أمر ماض ولم يكن، أو على أنه لم يكن فكان فإن كان عالماً به حال حلفه بأن يقول : والله ما فعلت وقد فعل أو لقد فعلت وما فهل فهذه اليمين الغموس، وهي من الكبائر سميت غموساً لأنهما تغمس صاحبها في الإثم وتجب فيها الكفارة عند الشافعي سواء كان عالماً أو جاهلاً، وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا كفارة عليه، فإن كان عالماً فهي كبيرة، وإن كان جاهلاً فهي من لغو اليمين ) والله غفور ( يعني لعباده فيما لغوا من أيمانهم التي أخبر أنه لا يؤاخذكم عليها، ولو شاء آخذهم وألزمهم للكفارة في العاجل والعقوبة عليها في الآجل ) حليم ( يعني في ترك معاجلة أهل العصيان بالعقوبة، قال الحليمي في معنى الحليم : إنه الذي لا يحبس إنعامه وأفضاله عن عباده لأجل ذنوبهم، ولكنه يرزق العاصي كما يرزق المطيع ويبقيه وهو منهمك في معاصيه كما يبقى البر المتقي وقد يقيه الآفات والبلايا، وهو غافل لا يذكره فضلاً عن أن يدعوه كما يقيها الناسك الذي يدعوه ويسأله، وقال أبو سليمان الخطابي : الحليم ذو الصفح والأناة الذي لا يستفزه غضب ولا يستخفه جهل جاهل ولا عصيان عاص ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحليم، إنما الحليم الصفوح مع القدرة على الانتقام المتأني الذي لا يعجل بالعقوبة.
البقرة :( ٢٢٦ ) للذين يؤلون من...
" للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم " ( قوله عز وجل :( للذين يؤلون من نسائهم ( يؤلون أي يحلفون والألية اليمين قال كثير :
قليل الألايا حافظ ليمينه
وإن سبقت منه الألية برت
والإيلاء في عرف الشرع، هو اليمين على ترك الوطء كما إذا قال : والله لا أجامعك أو لا أباضعك أو لا اقربك قال ابن عباس : كان أهل الجاهلية إذا طلب الرجل من امرأته شيئاً فأبت أن تعطيه حلف لا يقربها السنة والسنتين والثلاث فيدعها لا أيّماً، ولا ذات بعل، فلما كان الإسلام جعل الله ذلك للمسلمين أربعة أشهر، وأنزل هذه الآية، وقال سعيد بن المسيب : كان الإيلاء ضرار أهل الجاهلية فكان الرجل يريد امرأته، ولا يحب أن يتزوجها غيره فيحلف أن لا يقربها أبداً فيتركها لا أيماً ولا ذات بعل، وكانوا عليه في ابتداء الإسلام فجعل الله تعالى له الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر، وأنزل هذه الآية للذين يؤلون من نسائهم ) تربص ( أي اتنظار ) أربعة أشهر ( والتربص التثبت والانتظار.