صفحة رقم ٢٣٥
حولاً وإن لم تستكمله، فبين الله أنهما حولان كاملان للتوكيد أربعة وعشرون شهراً، وهذا التحديد بالحولين ليس تحديد إيجاب، ويدل على ذلك قوله بعده :( لمن أراد أن يتم الرضاعة ( فلما علق الإتمام بإرادتنا علمنا أن هذا الإتمام غير واجب، فثبت أن المقصود من هذا التجديد قطع النزاع بين الزوجين في مقدار زمن الرضاعة فقدر الله تعالى ذلك بالحولين حتى يرجعا إليه عند التنازع، قال ابن عباس في رواية عكرمة : إذا وضعت الولد لستة أشهر أرضعته حولين وإن وضعته لسبعة أشهر أرضعته ثلاثاً وعشرين شهراً، وإن وضعته لتسعة أشهر أرضعته أحداً وعشرين شهراً، كل ذلك ثلاثون شهراً، لقوله تعالى :( وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ( وقال في رواية الوالي عنه : هو حد لكل مولود في أي وقت ولد لا ينقص رضاعه عن حولين إلاّ باتفاق من الأبوين، فأيهما أراد فطام الولد قبل الحولين فليس له ذلك إلاّ إذا اتفقا عليه يدل على ذلك قوله :( فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما ( وقيل : فرض الله على الوالدات إرضاع الولد حولين ثم أنزل التخفيف فقال : لمن أراد أن يتم الرضاعة، أي هذا منتهى الرضاع لمن أراد إتمام الرضاعة، وليس فيما دون ذلك حد محدود، وإنما هو على مقدار إصلاح الطفل وما يعيش به ) وعلى المولود له ( يعني الأب، وإنما عبر عنه بهذا لأن الوالدات إنما ولدن للآباء، ولذلك ينسب الولد للأب دون الأم قال بعضهم :
وإنما أمهات الناس أوعية
مستودعات وللآباء أبناء
وقيل : إن هذا تنبيه على أن الولد إنما يلتحق بالوالد لكونه مولود على فراشه ؟ فكأنه قال : إذا ولدت المرأة الولد لأجل الرجل وعلى فراشه وجب عليه رعاية مصالحه ) رزقهن ( أي طعامهن ) وكسوتهن ( أي لباسهن ) بالمعروف ( أي على قدر الميسرة ) لا تكلف نفس إلاّ وسعها ( يعني طاقتها، والمعنى أن أبا الولد لا يكلف في الإنفاق عليه وعلى أمة إلاّ قدر ما تتسع به مقدرته ولا يبلغ إسراف القدرة ) لا تضار والدة بولدها ( يعني لا ينزع الولد من أمه بعد أن رضيت بإرضاعه ولا يدفع إلى غيرها وقيل معناه لا تكره الأم على إرضاع الولد إذا قبل الصبي لبن غيرها لأن ذلك ليس بواجب عليها ) ولا مولود له بولده ( يعني لا تلقي المرأة الولد إلى أبيه وقد ألفها تضاره بذلك، وقيل معناه لا يلزم الأب أن يعطي أم الولد أكثر مما يجب عليه لها إذا لم يرضع الولد من غير أمه، فعلى هذا يرجع الضرار إلى الوالدين فيكون المعنى : لا يضار كل واحد منهما صاحبه بسبب الولد.
وقيل يحتمل أن يكون الضرر راجعاً إلى الولد.
والمعنى : لا يضار لكل واحد من الأبوين الولد فلا ترضعه حتى يموت فيتضرر بذلك ولا ينفق عليه الأب أو ينزعه من أمه فيضره بذلك، فعلى هذا تكون الباء صلة، والمعنى لا تضار والدة ولدها ولا أب ولده ) وعلى الوارث مثل ذلك ( يعني وعلى وارث أبي الولد إذا مات مثل ما كان يجب عليه من النفقة والكسوة فيلزم وارث


الصفحة التالية
Icon