صفحة رقم ٢٥١
كانوا قومه أحياهم الله تعالى بعد ثمانية أيام وذلك أنه لما أصابهم ذلك خرج في طلبهم فوجدهم موتى فبكى وقال يا رب كنت في قوم يعبدونك ويذكرونك فبقيت وحيداً لا قوم لي فأوحى الله إليه إني قد جعلت حياتهم إليك فقال حزقيل احيوا بإذن الله فعاشوا، وقيل إنهم قالوا حين أحيوا سبحانك ربنا وبحمدك لا إله إلاّ أنت ثم رجعوا إلى قومهم وعاشوا دهراً طويلاً وسحنة الموت على وجوههم لا يلبسون ثوباً إلاّ عاد دنساً مثل الكفن حتى ماتوا لآجالهم التي كتبت لهم.
قال ابن عباس : وإنها لتوجد اليوم تلك الريح في ذلك السبط من اليهود : قال قتادة : مقتهم الله على فرارهم من الموت فأماتهم عقوبة لهم ثم بعثهم الله ليستوفوا بقية آجالهم ولو جاءت آجالم لما بعثوا.
فإن قلت كيف أميت هؤلاء مرتين في الدنيا وقد قال الله تعالى :( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ( قلت إن موتهم كان عقوبة لهم كما قال قتادة وقيل إن موتهم وإحياءهم كان معجزة من معجزات ذلك النبي ومعجزات الأنبياء خوارق للعادات، ونوادر فلا يقاس فيكون قوله إلاّ الموتة الأولى عاماً مخصوصاً بمعجزات الأنبياء أي إلاّ الموتة الأولى التي ليست من معجزات الأنبياء ولا من خوارق العادات وفي هذه الآية احتجاج على اليهود ومعجزة عظيمة لنبينا ( ﷺ ) حيث أخبرهم بأمر لم يشاهدوه وهم يعلمون صحة ذلك وفيه احتجاج على منكري البعث أيضاً إذ قد أخبر الله تعالى وهو الصادق في خبره انه أماتهم ثم أحياهم في الدنيا فهو تعالى قادر على أن يحييهم يوم القيامة، وقوله تعالى :( حذر الموت ( أي مخافة الطاعون وكان قد نزل بهم وقيل إنهم أمروا بالجهاد ففروا منه حذر الموت ) فقال لهم الله موتوا ( يحتمل أنهم ماتوا عند قوله تعالى ) موتوا ( ويحتمل أن يكون ذلك أمر تحويل فهو كقوله :( كونوا قردة خاسئين ( ) ثم أحياهم ( يعني بعد موتهم ) إن الله لذو فضل على الناس ( يعني أن الله تعالى تفضل على أولئك الذين أماتهم باحيائهم لأنهم ماتوا على معصيته فتفضل عليهم بإعادتهم إلى الدنيا ليتوبوا وقيل هو على العموم فهو تعالى متفضل على كافة الخلق في الدنيا ويخص المؤمنين بفضله يوم القيامة ) ولكن أكثر الناس لا يشكرون ( يعني ان أكثر من أنعم الله عليه لا يشكره أما الكافر فإنه لم يشكره أصلاً وأما المؤمنون فلم يبلغوا غاية شكره.
البقرة :( ٢٤٤ - ٢٤٥ ) وقاتلوا في سبيل...
" وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون " ( قوله عز وجل :( وقاتلوا في سبيل الله ( قيل هو خطاب للذين أحيوا أحياهم الله ثم أمرهم بالجهاد فعلى هذا القول فيه إضمار تقديره وقيل لهم قاتلوا في سبيل الله وقيل هو خطاب لأمة محمد ( ﷺ ) ومعناه لا تهربوا من الموت كما هرب هؤلاء فلم ينفعهم ذلك ففيه تحريض للمؤمنين على الجهاد ) واعلموا أن الله سميع ( يعني لما يقوله المتعلل عن القتال ) عليم ( بما يضمره.
قوله عز وجل :( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً ( القرض اسم لكل ما يعطيه الإنسان ليجازى عليه فسمى الله تعالى عمل المؤمنين له قرضاً على رجاء ما وعدهم به من الثواب لأنهم يعلمون لطلب الثواب، وقيل : القرض من ما أسلفت من عمل صالح أو شيء قال أمية بن أبي الصلت :


الصفحة التالية
Icon