صفحة رقم ٢٥٩
يعني من أهل طاعتي ) إلا من اغترف غرفة بيده ( قرئ بفتح الغين وضمها لغتان، وقيل الغرفة بالضم التي تحصل في الكف من الماء والغرفة بالفتح الاغتراف فالضم اسم والفتح مصدر ) فشربوا منه ( يعني من النهر ) إلا قليلاً منهم ( قيل هم أربعة آلاف لم يشربوا منه وقيل ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً وهو الصحيح ويدل على ذلك ما روي عن البراء بن عازب قال :( كان أصحاب محمد ( ﷺ ) يتحدثون أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ولم يجاوزه معه إلا مؤمن بضعة عشر وثلاثمائة ) أخرجه البخاري قيل البضع هنا ثلاثة عشر، فلما وصلوا إلى النهر ألقي عليهم العطش فشرب منه الكل إلا هذا العدد القليل وكان من اغتراف منه غرفة كما أمره الله تعالى كفته لشربه وشرب دوابه وقوي قلبه وصح إيمانه وعبر النهر سالماً والذين شربوا منه وخالفوا أمر الله تعالى اسودت شفاههم وغلبهم العطش فلم يرووا وجبنوا وبقوا على شط النهر ولم يجاوزه، وقيل جاوزوه كلهم ولكن الذين شربوا لم يحضروا القتال وإنما قاتل أولئك القليل الذين لم يشربوا وهو قوله تعالى :( فلما جاوزه هو ( يعني جاوز النهر طالوت ) والذين آمنوا معه ( يعني أولئك القليل ) قالوا ( يعني الذين شربوا من النهر وخالفوا أمر الله تعالى وكانوا أهل شك ونفاق فعلى هذا يكون قد جاوز النهر مع طالوت المؤمن والمنافق والطائع والعاصي فلما رأوا العدو قال المنافقون ) لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ( فأجابهم المؤمنون بقولهم ) كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة ( وقيل لم يجاوز النهر مع طالوت إلا المؤمنون خاصة لقوله تعالى :( فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه (.
فإن قلت فعلى هذا القول من القائل ) لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده (.
قلت يحتمل أن يكون أهل الإيمان وهم الثلاثمائة وبضعة عشر انقسموا إلى قسمين قسم حين رأوا العدو وكثرتة وقلة المؤمنين قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده فأجابهم القسم الآخر بقولهم ) كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ( ومعنى لا طاقة لنا لا قوة لنا اليوم بجالوت وجنوده ) قال الذين يظنون ( أي يستيقنون ويعملون ) إنهم ملاقو الله ( أي ملاقو ثواب الله ورضوانه في الدار الآخرة ) كم من فئة قليلة ( الفئة الجماعة لا واحد له من لفظه كالرهط ) غلبت فئة كثيرة بإذن الله ( أي بقضاء الله وإرادته ) والله مع الصابرين ( يعني بالنصر والمعونة.
البقرة :( ٢٥٠ ) ولما برزوا لجالوت...
" ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين " ( قوله عز وجل :( ولما برزوا ( يعني طالوت وجنوده المؤمنين ) لجالوت وجنوده ( يعني الكافرين ومعنى برزوا صاروا بالبراز من الأرض وهو ما ظهر واستوى منها ) قالوا ( يعني المؤمنين أصحاب طالوت ) ربنا أفرغ ( أي اصبب ) علينا صبراً وثبت أقدامنا ( أي قو قلوبنا لتثبت