صفحة رقم ٢٦٢
وفي حيالنا أعداء لنا غلف فإن قتلت مائتي رجل وجتني بغلفهم زوجتك ابنتي فأتاهم فجعل كلما قتل واحداً منهم نظم غلفته في خيط حتى نظم مائتي غلفة فجاء بها إلى الطالوت وألقاها بين يديه وقال ادفع إلى امرأتي فزوجه ابنته وأجرى خاتمه في ملكه، فمال الناس إلى داود عليه السلام وأحبوه وأكثروا ذكره فحسده طالوت وأراد قتله فأخبر بذلك ابنة طالوت رجل يقال له ذو العينين فأخبرت بذلك داود وقالت له : إنك مقتول الليلة قال ومن يقتلني قالت : أبي قال : وهل أجرمت جرماً يوجب القتل قالت حدثني بذلك من لا يكذب ولا عليك أن تغيب الليلة حتى تنظر مصداق ذلك فقال إن كان يريد ذلك فلا أستطيع خروجاً ولكن ائتني بزق خمر فأتته به فوضعه في مضجعه على سريره وسجاه ودخل داود تحت السرير فدخل طالوت نصف الليل فقال لابنته أين بعلك قالت هو نائم على سريره فضربه بالسيف فسال الخمر فلما وجد ريح الخمر قال يرحم الله داود ما كان أكثر شربه للخمر وخرج، فلما أصبح علم أنه لم يفعل شيئاً فقال : إن رجلاً منه ما طلبت لحقيق أن لا يدعني حتى يدرك ثأره مني فاشتد حجابه وحراسه وأغلق دونه أبوابه، ثم إن داود أتاه ليلة وقد هدأت العيون وأعمى الله عنه الحجاب ففتح الأبواب ودخل عليه وهو نائم على فراشه، فوضع سهماً عند رأسه وسهماً عند رجليه وسهماً عن يمينه وسهماً عن شماله وخرج فاستيقظ طالوت فبصر بالسهام فعرفها فقال يرحم الله داود هو خير مني ظفرت به فقصدت قتله وظفر بي فكف عني ولو شاء ولوضع هذا السهم في حلقي وما أنا بالذي آمنه فلما كان من الليلة القابلة أتاه ثانياً فأعمى الله عنه الحجاب فدخل عليه وهو نائم فأخذ إبريق وضوئه وكوزه الذي يشرب منه وقطع شعرات من لحيته وشيئاً من طرف ثوبه ثم خرج وتوارى، فلما أصبح طالوت ورأى ذلك سلط على داود العيون وطلبه أشد، الطلب فلم يقدر عليه.
ثم إن طالوت ركب يوماً فوجد داود يمشي في البرية فقال اليوم أقتله وركض في أثره فاشتد داود في عدوه.
وكان إذا فزع لم يدرك فدخل غاراً فأوحى الله تعالى إلى العنكبوت فنسجت عليه فلما انتهى طالوت إلى الغار ونظر إلى بناء العنكبوت قال : لو كان دخل هنا لتخرق هذا النسج وانطلق طالوت وتركه فخرج داود حتى أتى جبل المتعبدين فتعبد معهم وطعن العلماء والعباد على طالوت في شأن داود فجعل طالوت لا ينهاه أحد عن قتل داود إلاّ قتله فقتل خلقاً كثيراً من العباد والعلماء حتى أتى بامرأة تعلم الاسم الأعظم فأمر خبازه بقتلها