صفحة رقم ٢٦٦
عليه وسلم رفع الله منصبه ومرتبته على كافة سائر الأنبياء بما فضله عليهم من الآيات البينات والمعجزات الباهرات فما أوتي نبي من الأنبياء آية أو معجزة إلا أوتي نبينا محمد ( ﷺ ) مثل ذلك وفضل محمد ( ﷺ ) على غيره من الأنبياء بآيات ومعجزات أخر مثل انشقاق القمر بإشارته وحنين الجذع الذي حن عند مفارقته وتسليم الحجر والشجر عليه وكلام البهائم له شاهدة برسالته ونبع الماء من بين أصابعه وغير ذلك من الآيات والمعجزات التي لا تحصى كثرة، وأعظمها وأظهرها معجزة وآية القرآن العظيم الذي عجز أهل الأرض عن معارضته والإتيان بمثله فهو معجزة باقية إلي يوم القيامة
( ق ) عن أبي هريرة قال قال رسول الله ( ﷺ ) :( ما من نبي من الأنبياء إلاّ وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة )
( ق ) عن جابر قال قال رسول الله ( ﷺ ) :( أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قلبي، وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت للناس إلى الناس عامة ) ( م ) عن أبي هريرة أن رسول الله ( ﷺ ) قال :( فضلت على الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً وأرسلت إلى الخلائق كافة وختم بي النبيون ) فإن قلت لم ذكره على سبيل الرمز والإشارة ولم يصرح باسمه ( ﷺ ) ؟ قلت : في هذا الإبهام والرمز من تفخيم فضله وإعلاء قدره ( ﷺ ) ما لا يخفى لما فيه من الشهادة بأنه العلم الذي لا يشتبه ولا يلتبس فهو كما يقول الرجل وقد فعل شيئاً فعله بعضكم أو أحدكم ويريد نفسه فيكون أفخم من التصريح به كما سئل الخطيئة : من أشعر الناس ؟ قال زهير والنابغة.
ثم قال لو شئت لذكرت الثالث أراد نفسه وقوله تعالى :( وآتينا عيسى ابن مريم البينات ( يعني الحدد والأدلة الباهرة والمعجزات على نبوته مثل إبراء الأكمة والأبرص وإحياء الموتى ) وأيدناه بروح القدس ( أي وقويناه بجبريل عليه السلام فكان معه إلى أن رفعه إلى عنان السماء السابعة.
فإن قلت لم خص موسى وعيسى بالذكر من بين سائر الأنبياء.
قلت لما أوتيا من الآيات العظيمة والمعجزات الباهرة ولقد بين الله تعالى وجه التفضيل حيث جعل التكليم من الفضل وهو آية عظيمة وتأييد عيسى بروح القدس آية عظيمة أيضاً فلما أوتي موسى وعيسى من الآيات العظيمة خصا بالذكر في باب التفضيل فعلى هذا كل من كان من الأنبياء أعظم آيات وأكثر معجزات كان أفضل ولهذا أحرز نبينا ( ﷺ ) قصبات السبق في الفضل لأنه أعظم الأنبياء آيات وأكثرهم معجزات فهو أفضلهم ( ﷺ ) وعليهم أجمعين ) ولو شاء الله ( أي ولو أراد الله وأصل المشيئة الإرادة ) ما اقتتل الذين من بعدهم ( يعني بعد الرسل الذين وصفهم الله ) من بعد ما جاءتهم البينات ( أي الدلالات الواضحات من الله بما فيه مزدجر لمن هداه الله تعالى ووفقه ) ولكن اختلفوا ( يعني اختلف هؤلاء الذين من بعد الرسل ) فمنهم من آمن ( أي ثبت على إيمانه بالله ورسوله بفضل الله ) ومنهم من كفر ( أي ومنهم من تعمد الكفر بعد قيام الحجة وبعثة الرسل ) ولو شاء الله ما اقتتلوا ( أي ولو أراد الله أن يحجزهم عن الاقتتال والاختلاف لحجزهم عن ذلك ) ولكن الله يفعل ما يريد ( يعني أنه تعالى يوفق من يشاء لطاعته والإيمان به فضلاً منه ورحمة ويخذل من