صفحة رقم ٢٧٠
وما خلفهم مما هم فاعلوه والمقصود من هذا أنه سبحانه وتعالى عالم بجميع المعلومات لا يخفى عليه شيء من أحوال جميع خلقه ) ولا يحيطون بشيء من علمه ( يقال : أحاط بالشيء إذا علمه وهو أن يعلم وجوده وجنسه وقدره وحقيقته، فإذا علمه ووقف عليه وجمعه في قلبه فقد أحاط به والمراد بالعلم المعلوم والمعنى أن أحداً لا يحيط بمعلومات الله تعالى :( إلاّ بما شاء ( يعني أن يطلعهم عليه وهم من الأنبياء والرسل ليكون ما يطلعهم عليه من علم غيبه دليلاً على نبوتهم كما قال تعالى :( فلا يظهر على غيبه أحداً إلاّ من ارتضى من رسول ( ) وسع كرسيه السموات والأرض ( يقال فلان وسع الشيء سعة إذا احتمله وأطاقه وأمكنه القيام به وأصل الكرسي في اللغة من تركب الشيء بعضه على بعض ومنه الكراسة لتركب بعض أوراقها على بعض والكرسي في العرف اسم لما يقعد عليه سمي به لترك خشباته بعضها على بعض.
واختلفوا في المراد بالكرسي هنا على أربعة اقوال : أحدها أن الكرسي هو العرش نفسه قال الحسن لأن العرش والكرسي اسم للسرير الذي يصح التمكن عليه.
القول الثاني أن الكرسي غير العرش وهو أمامه وهو فوق السموات السبع ودون العرش قال السدي إن السموات والأرض في جوف الكرسي كحلقة ملقاة في فلاة والكرسي في جنب العرش قال السدي إن السموات السبع في الكرسي كدراهم سبعة ألقيت في ترس وقيل إن كل قائمة من قوائم الكرسي طولها مثل السموات والأرض وهو بين يدي العرش ويحمل الكرسي أربعة أملاك لكل ملك أربعة وجوه وأقدامهم على الصخرة التي تحت الأرض السابعة السفلى : ملك على صورة أبي البشر آدم هو يسأل الرزق والمطر لبني آدم من السنة إلى السنة، وملك على صورة النسر وهو يسأل الرزق للطير من السنة إلى السنة، وملك على صورة الثور وهو يسأل الرزق للانعام من السنة إلى السنة وملك على صورة السبع وهو يسأل الرزق للوحوش من السنة إلى السنة.
وفي بعض الأخبار أن بين حملة العرش وحملة الكرسي سبعين حجاباً من ظلمة وسبعين حجاباً من نور غلظ كل حجاب مسيرة خمسمائة عام لولا ذلك لاحترقت الكرسي من نور حملة العرش.
القول الثالث : إن الكرسي هو الاسم الأعظم لأن العلم يعتمد عليه.
كما أن الكرسي يعتمد عليه قال ابن عباس كرسيه علمه.
القول الرابع : المراد بالكرسي الملك والسلطان والقدرة لأن الكرسي موضع الملك والسلطان فلا يبعد أن يكنى عن الملك بالكرسي على سبيل المجاز ) ولا يؤوده ( أي لا يثقله لوا يجهده ولا يشق عليه ) حفظهما ( أي حفظ السموات والأرض ) وهو العلي ( أي الرفيع