صفحة رقم ٣٢٤
فلم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم.
آل عمران :( ١٢ - ١٣ ) قل للذين كفروا...
" قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار " ( قوله عز وجل :( قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون ( قرئ بالتاء فيهما فمن قرأ بالياء المنقوطة فمعناه بلغهم يا محمد أنهم سيغلبون ويحشرون، ومن قرأ التاء المنقوطة فوق فمعناه قل لهم : ستغلبون وتحشرون ) إلى جهنم ( قيل : أراد بالذين كفروا مشركي قريش والمعنى قل لكفار مكة : ستغلبون يوم بدر تحشرون في الآخرة إلى جهنم فلما نزلت هذه الآية قال لهم النبي ( ﷺ ) يوم بدر : إن الله غالبكم وحاشركم إلى جهنم وقيل : إن أبا سفيان جمع جماعة من قومه بعد وقعة بدر فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقيل : إن هذه الآية نزلت في اليهود.
وقال ابن عباس : إن يهود المدينة قالوا لما هزم رسول الله ( ﷺ ) المشركين يوم بدر، هذا والله النبي الذي بشر به موسى لا ترد له راية وأرادوا إتباعه ثم قال بعضهم لبعض : لا تعجلوا حتى تنظروا واقعة أخرى.
فلما كان يوم أحد ونكب أصحاب رسول الله ( ﷺ ) شكواً وغلب عليهم الشقاء فلم يسلموا، وكان بينهم وبين رسول الله ( ﷺ ) عهد إلى مدة فنقضوا العهد وانطلق كعب بن الأشرف في ستين راكباً إلى مكة ليستفزهم فأجمعوا أمرهم على قتال رسول الله ( ﷺ ) فأنزل الله تعالى هذه الاية.
وقال ابن عباس وغيره : لما أصاب رسول الله ( ﷺ ) قريشاً يوم بدر ورجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع وقال : يا معشر اليهود احذروا من الله ما أنزل بقريش يوم بدر، وأسلموا قبل أن ينزل لكم ما نزل بهم فقد عرفتم إني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم فقالوا : يا محمد لا يغرنك أنك لقيت قوماً أغماراً لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة وإنا الله لو قاتلناك لعرفت إنا نحن الناس.
فأنزل الله عز وجل ) قل للذين كفروا ( يعني من اليهود ) ستغلبون ( أي ستهزمون ) وتحشرون ( يعني في الآخرة إلى جهنم ) وبئس المهاد ( أي الفراش والمعنى : بئس ما مهد لهم في النار.
قوله عز وجل ) قد كان لكم آية في فئتين التقتا ( قيل : الخطاب للمؤمنين يروى ذلك عن ابن مسعود والحسن.
وقيل : هو خطاب لكفار مكة فيكون عطفاً على الذي قبله فيخرج على قول ابن عباس ( ١ ).
وقيل : هو خطاب لليهود قاله ابن جرير.
فإن قلت : لم قال قد كان لكم آية ولم يقل قد كانت لأن الآية مؤنثة ؟ قلت : كل ما ليس بمؤنث حقيقي يجوز تذكيره وقيل : إنه رد المعنى إلى البيان فمعناه قد كان لكم بيان فذهب إلى المعنى وترك اللفظ.
وقال الفراء : إنما ذكر لأنه حالت الصفة بين الفعل والاسم المؤنث


الصفحة التالية
Icon