صفحة رقم ٣٢٦
جنبي : تراهم سبعين ؟ قال : أراهم مائة قال فأسرنا منهم رجلاً فقلنا : كم كنتم قال : ألفاً وإن قلنا إن الفئة الرائية هم المشركون على قول بعضهم إن الرؤية راجعة إلى المشركين يعني رأى المشركون المسلمين مثليهم فقلل الله المسلمين في أعين المشركين في أول القتال ليجترئوا عليهم ولا ينصرفوا، فلما أخذوا في القتال كثر الله المسلمين في أعين المشركين ليجتنبوا فيكون ذلك سبب خذلانهم، وقد روي أن المشركين لما أسروا يوم بدر قالوا للمسلمين : كم كنتم قالوا : كنا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً قالوا : يعني المشركين ما كنا نراكم إلاّ تضعفون علينا فكان في وقعة بدر أحوال في التكثير والتقليل وما ذلك إلاّ إظهاراً للقدرة التامة وقوله تعالى :( رأي العين ( أي في رأي العين ) والله يؤيد ( اي يقوي ) بنصره من يشاء إن في ذلك ( يعني الذي ذكر من النصرة.
وقيل رؤية الجيش مثليهم ) لعبرة ( أي لآية والعبرة الدلالة الموصلة إلى اليقين المؤدية إلى العلم وأصلها من العبور كأنه طريق يعبرونه فيوصلهم إلى مرادهم.
وقيل : العبرة هي التي يعبر منها من منزلة الجهل إلى منزلة العلم ) لأولي الأبصار ( لذوي العقول والبصائر.
آل عمران :( ١٤ ) زين للناس حب...
" زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب " ( قوله عز وجل :( زين للناس ( قال أهل السنة : المزين هو الله تعالى لأنه تعالى خالق الجميع أفعال العباد لأنه الله تعالى خلق جميع ملاذ الدنيا وأباحها لعبيده وإباحتها للعبد تزيين لها قال الله تعالى :( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ( " وقال تعالى :( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ( " وقال الله تعالى :( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها ( " وقال تعالى :( وكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً ( " وكل ذلك يدل على أن المزين هو الله تعالى.
ومما يؤيد ذلك قراءة مجاهد زين بفتح الزاي على تسمية الفاعل وقال الحسن : المزين هو الشيطان وهو قول طائفة من المعتزلة ويدل على ذلك أن الله تعالى زهد في هذه الأشياء بأن أعلم عباده زوالها.
ولأن الله تعالى أطلق حب الشهوات فيدخل فيه الشهوات المحرمة، والمزين لذلك هو الشيطان، ولأن الله تعالى ذكر هذه الأشياء في معرض الذم للدنيا ويدل عليه آخر الآية وهو قول تعالى ) والله عنده حسن المآب (.
ونقل عن أبي علي الجبائي من المعتزلة أن كل ما كان حراماً كان المزين لذلك هو الشيطان، وكل ما كان مباحاً كان المزين له هو الله تعالى، والصحيح ما ذهب إليه أهل السنة لأن الله تعالى خالق كل شيء ولا شريك له في ملكه.
وقوله تعالى :( حب الشهوات ( يعني المشتهيات لأن الشهوة توقان النفس إلى الشيء المشتهى ) من النساء ( إنما بدأ بذكر النساء لأن الالتذاذ بهن أكثر، والاستئناس بهن أتم، ولأنهن حبائل الشيطان وأقرب إلى الافتان ) والبنين ( إنما خص البنين بالذكر لأن حب الولد الذكر أكثر من حب الأنثى ووجه حبه ظاهر لأنه يتكثر به ويعضده ويقوم مقامه.
وقد جعل الله تعالى في قلب الإنسان حب الزوجة والولد لحكمه بالغة وهي بقاء التوالد ولو زالت تلك المحبة لما حصل ذلك ) والقناطير المقنطرة ( جمع قنطار وسمي قنطاراً من الإحكام والعقد يقال : قنطرته إذا أحكمته ومنه القنطرة المحكمة الطاق واختلفوا في القنطار هل محدود أو غير محدود ؟ على قولين أحدهما : أنه محدود ثم اختلفوا في حده فروي عن معاذ بن جبل أن القنطار ألف ومائتا أوقية.
وقال ابن عباس : ألف ومائتا مثقال وعنه أنه اثنا عشر ألف درهم أو ألف دينار دية أحدكم وبه قال الحسن : وقال سعيد بن جبير : هو مائة ألف ومائة من ومائة رطل ومائة مثقال ومائة


الصفحة التالية
Icon