صفحة رقم ٣٧٥
) قالوا أقررنا ( أي قال النبيون : أقررنا بما ألزمتنا من الإيمان برسلك الذين ترسلهم مصدقين لما معنا من كتبك ) قال فاشهدوا ( يعني قال الله عز وجل للنبيين : فاشهدوا يعني أنتم على أنفسكم وقيل : على أممكم وأتباعكم الذين أخذتم الميثاق وقيل : قال الله للملائكة فاشهدوا فهو كناية عن غير مذكور، وقيل : معناه فاعلموا وبينوا لأن أصل الشهادة العلم والبيان ) وأنا معكم من الشاهدين ( يعني قال الله يا معشر الأنبياء وأنا معكم من الشاهدين عليكم وعلى أتباعكم أو قال للملائكة وأنا معكم من الشاهدين عليهم.
آل عمران :( ٨٢ - ٨٣ ) فمن تولى بعد...
" فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون " ( ) فمن تولى ( أي أعرض عن الإيمان بمحمد ( ﷺ ) ) بعد ذلك ( الإقرار ) فأولئك هم الفاسقون ( أي الخارجون عن الإيمان والطاعة.
قوله عز وجل :( أفغير دين الله يبغون ( وذلك أن أهل الكتاب اختلفوا فادعى كل فريق منهم أنه على دين إبراهيم عليه السلام فاختصموا إلى النبي ( ﷺ ) فقال لهم رسول الله ( ﷺ ) :( كلا الفريقين بريء من دين إبراهيهم ) فغضبوا وقالوا : لا نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك فأنزل الله أفغير دين الله ؛ الهمزة للاستفهام والمراد منه الإنكار والتوبيخ يعني أفبعد أخذ الميثاق عليهم ووضوح الدلائل لم أن دين إبراهيم هو دين الله الإسلام.
تبغون قرئ بالتاء على خطاب الحاضر أي أفغير دين الله تطلبون ما معشر اليهود والنصارى وقرئ بالياء على الغيبة رداً على قوله فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) وله أسلم ( أي خضع وانقاد ) من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً ( الطوع الانقياد والاتباع بسهولة والكره ما كان من ذلك بمشقة وإباء من النفس.
واختلفوا في معنى قوله طوعاً وكرهاً فقيل : أسلم أهل السموات طوعاً وأسلم بعض أهل الأرض طوعاً وبعضهم كرهاً من خوف القتل والسبي، وقيل : أسلم المؤمن طوعاً وانقاد الكافر كرهاً، وقيل هذا في يوم أخذ الميثاق حيث قال : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى فمن سبقت له السعادة قال ذلك طوعاً، ومن سبقت له الشقاوة قال ذلك كرهاً.
وقيل : أسلم المؤمن طوعاً فنفعه إسلامه يوم القيامة والكافر يسلم كرهاً عند الموت في وقت اليأس فلم ينفعه ذلك في القيامة وقيل إنه لا سبيل لأحد من الخلق إلى الامتناع على الله في مراده فأما المسلم فينقاد لله فيما أمره أو نهاه عنه طوعاً وأما الكافر فينقاد لله كرهاً في جميع ما يقتضي عليه ولا يمكنه دفع قضائه وقدره عنه ) وإليه ترجعون ( قرئ بالتاء والياء والمعنى أن مرجع الخلق كلهم إلى يوم القيامة ففيه وعيد عظيم لمن خالفه في الدنيا.
آل عمران :( ٨٤ - ٨٦ ) قل آمنا بالله...
" قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين " ( قوله عز وجل :( قل آمنا بالله ( لما ذكر الله عز وجل في الآية المتقدمة أخذ الميثاق على الأنبياء في تصديق الرسول الذي يأتي مصدقاً لما معهم بين في هذه


الصفحة التالية
Icon