صفحة رقم ٣٧٩
هو الطاعة وقيل معناه لن تنالوا حقيقة البر ولن تكونوا أبرار حتى تنفقوا مما تحبون وقيل معناه لن تنالوا بر الله وهو ثوابه وأصل البر التوسع في فعل الخير يقال بر العبد ربه أي توسع في طاعته فالبر من الله الثواب ومن العبد الطاعة وقد يستعمل في الصدق وحسن الخلق لأنهما من الخير المتوسع فيه
( ق ) عن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله ( ﷺ ) :( إن الصدق يهدي إلى البر وان البر يهدي إلى الجنة وأن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإن الكذي يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ) ( م ) عن النواس بن سمعان قال : سألت رسول الله ( ﷺ ) عن البر والإثم فقال :( البر حسن الخلق والإثم ما حاك صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس منك فعلى هذا يكون المعنى عليكم بالأعمال الصالحة حتى تكونوا ابراراً وتدخلوا في زمرة الأبرار ) ومن قال إن لفظ البر هو الجنة فقال معنى الآية لن تنالوا الثواب البر المؤدي إلى الجنة ) حتى تنفقوا مما تحبون ( يعني من جيد أموالكم أنفسها عندكم قال الله تعالى :( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ( " وقيل هو أن تنفق من مالك ما أنت محتاج إليه قال الله تعالى :( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ( ) ق ) عن أبي هريرة قال : أتى رسول الله ( ﷺ ) رجل فقال : يا رسول أي الصدقة أفضل ؟ قال :( إن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تهمل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا إلاّ وقد كان )، واختلفوا في هذا الإنفاق قال ابن عباس : هو الزكاة المفروضة والمعنى لن تنالوا حتى تخرجوا زكاة أموالكم فعلى هذا القول قيل إن الآية منسوخة بآية الزكاة وفيه بعداً لأنه ترغيب في إخراج الزكاة وقال ابن عمر : المراد بها سائر الصدقات وقال الحسن : كل شيء أنفقه المسلم من مالك مما يبتغي به وجه الله ويطلب ثوابه حتى التمرة فإنه يدخل في قوله : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون
( ق ) عن أنس بن مالك قال : كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً وكان أحب أمواله إليه بيرحا وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله ( ﷺ ) يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس : فلما نزلت هذه الآية ) لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ( قام أبو طلحة إلى رسول الله ( ﷺ ) فقال : يا رسول الله إن الله تعالى يقول في كتابه ) لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ( وإن أحب أموالي إلي بيرحا وإنها صدقة لله عز وجل أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث شئت فقال رسول الله ( ﷺ ) :( بخ بخ ذلك مال رابح ) أو قال ذلك مال رابح أرى أن تجعلها في الأقربين فقال أبو طلحة : افعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه قوله بخ بخ هي كلمة تقال عند المدح والرضا وتكريرها للمبالغة وهي مبنية على السكون فإذا وصلت جرب ونونت فقلت : بخ بخ قوله : مال رابح أي ذو ربح وفي الرواية الأخرى ذلك مال رايح بالياء معناه يروح عليك نفعه وثوابه وبيرحا اسم موضع