صفحة رقم ٤١٦
فتعرفوني أنني أنا ذلكم
شاكي سلاح في الحوادث معلم
ومن كسر الواو نسب الفعل إلى الملائكة والمعنى أنهم أعلموا انفسهم بعلامات مخصوصة أو أعلموا خيلهم واختلفوا في تلك العلامة فقال عروة بن الزبير : كانت الملائكة على خيل بلق وعليهم عمائم صفر.
وقال علي وابن عباس : كان عليهم عمائم بيض قد أرسلوها بين اكتافهم وقال هشام بن عروة والكلبي : كانت عليهم عمائم صفر مرخاة على أكتافهم، وقال قتادة والضحاك : كانوا قد أعلموا بالعهن بالصوف المصبوغ في نواصي خيلهم وأنابها وروي أن النبي ( ﷺ ) قال لأصحابه يوم بدر :( تسوموا فإن الملائكة قد تسومت بالصوف الأبيض في قلانسهم ومغافرهم ) ذكره البغوي بغير سند وقيل كانت عمامة الزبير يوم بدر صفراء فنزلت الملائكة كذلك وقيل كانوا قد سوموا أنفسهم بسيما القتال.
آل عمران :( ١٢٦ - ١٢٨ ) وما جعله الله...
" وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون " ( قوله تعالى :( وما جعله الله ( يعني هذا الوعد والمدد ) إلاّ بشرى لكم ( يعني بشارة بأنكم تنصرون فتستبشرون به ) ولتطمئن ( أي ولتسكن ) قلوبكم به ( أي فلا تجزع من كثرة عدوكم وقلة عددكم ) وما النصر إلاّ من عند الله ( يعني لا تحيلوا النصر على الملائكة والجند وكثرة العدد، فإن النصر من عند الله لا من عند غيره والغرض أن يكون توكلهم على الله لا على الملائكة الذين أمدوا بهم وفيه تنبيه على الإعراض عن الأسباب والإقبال على مسبب الأسباب ) العزيز الحكيم ( يعني فاستعينوا به وتوكلوا عليه لأن العز وهو كمال القدرة والقوة والحكم وهو كمال العلم فلا تخفى عليه مصالح عباده ) ليقطع طرفاً من الذين كفروا ( هذه متعلق بقوله ولقد نصركم الله ببدر، والمعنى أن المقصود من نصركم ببدر ليقطع طرفاً أي ليهلك طائفة من الذين كفروا وقيل معناه ليهدم ركناً من أركان الشرك بالقتل والأسر فقتل يوم بدر من قادتهم وساداتهم سبعون وأسر سبعون ومن حمل الآية على غزوة أحد قال : قد قتل منهم ستة عشر وكان النصر فيه للمسلمين حتى خالفوا أمر رسول الله ( ﷺ ) ) أو يكبتهم ( أصل الكبت في اللغة صرع الشيء على وجهه والمعنى أنه يصرعهم على وجوههم والمراد منه القتل والهزيمة أو الإهلاك أو اللعن والخزي