صفحة رقم ٤٩
أسكنتك الجنة لأنه خلق لعمارة الأرض ولما أسكن الله آدم في الجنة بقي وحده ليس معه من يستأنس به ويجالسه فألقى الله عليه النوم ثم أخذ ضلعاً ولما أسكن الله آدم في الجنة بقي وحده ليس من يستأنس به ويجالسه فألقى الله عليه النوم ثم أخذ ضلعاً من أضلاع جنبه الأيسر، وهو الأقصر فخلق منه زوجته حواء، ووضع مكان الضلع لحماً من غير أن يحس بذلك آدم ولم يجد ألماً، ولو وجد ألماً لما عطف رجل على امرأة قط، وسميت حواء لأنها خلقت من حي، فلما استيقظ آدم من نومه ورآها جالسة كأحسن ما خلق الله تعالى فقال لها : من أنت ؟ قالت : أنا زوجتك حواء قال : ولماذا خلقت ؟ قالت : لتسكن إلي وأسكن إليك.
واختلفوا في الجنة التي أمر آدم بسكناها فقيل إنها جنة كانت في الأرض بدليل أنه لو كانت الجنة التي هي دار الجزاء والثواب لما أخرج منها.
وأجاب صاحب هذا القول عن قوله تعالى :( اهبطا ( " بأن المراد من الهبوط التحول والانتقال فهو كقوله تعالى :( اهبطوا مصر ( " والقول الصحيح أنها الجنة التي هي دار الجزاء والثواب لأن الألف واللام للعهد والجنة بين المسلمين وفي عرفهم التي هي دار الجزاء.
وقيل : كلا القولين ممكن فلا وجه للقطع ) وكلا منهما رغداً ( أي واسعاً كثيراً ) حيث شئتما ( أي كيف شئتما ومتى شئتما وأين شئتما والمقصود منه الإطلاق في الأكل من الجنة بلا منع إلاّ ما نهى عنه، وهو قوله تعالى :( ولا تقربا هذه الشجرة ( يعني للأكل قيل إنما وقع هذه النهي عن جنس الشجرة.
وقيل عن الشجرة مخصوصة قال ابن عباس هي السنبلة وقيل الكرمة.
وقيل هي شجرة التين وقيل هي شجرة العلم.
وقيل الكافور.
وقيل : ليس في ظاهر الكلام ما يدل على التبيين إذ لا حاجة إليه لإنه ليس المقصود تعرّف عين تلك الشجرة وما لا يكون مقصود لا يجب بيانه ) فتكونا من الظالمين ( يعني إن أكلتما من هذه الشجرة ظلمتما أنفسكما فمن جوّز ارتكاب الذنبوب على الأنبياء قال ظلم نفسه بالمعصية.
وأصل الظلم وصنع الشيء في غير موضعه ومن لم يجوز ذلك على الأنبياء جعل الظلم على أنه فعل ما كان الأولى أن لا يفعله.
وقيل : يحمل على أنه فعل هذا قبل النبوة.
فإن قلت : هل يجوز وصف الأنبياء بالظلم أو بظلم أنفسهم ؟ قلت : لا يجوز أن يطلق عليهم ذلك لما فيه من الذم.
البقرة :( ٣٦ - ٣٨ ) فأزلهما الشيطان عنها...
" فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون " ( قوله عز وجل :( فأزلهما الشيطان ( أي استزل آدم وحواء ودعاهما إلى الزلة وهي الخطيئة، وسيأتي الكلام إن شاء الله تعالى على عصمة الأنبياء والجواب عما صدر عند قوله عز وجل :( وعصى آدم ربه فغوى ( " في سورة طه ) عنها ( أي الجنة ) فأخرجهما مما كان فيه ( يعني من النعيم وذلك أن إبليس أراد أن يدخل الجنة ليوسوس لآدم وحواء فمنعه الخزنة فأتى الحية وكانت صديقة لإبليس وكانت من أحسن الدواب لها أربع قوائم كقوائم البعير وكانت من خزّان الجنة فسألها أن تدخله الجنة في فيها فأدخلته ومرت به على الخزنة وهم لا يعلمون.
وقيل إنما رآهما على باب الجنة لأنهما كانا يخرجان منهما، وكان إبليس بقرب الباب فوسوس لهما وذلك أن


الصفحة التالية
Icon