صفحة رقم ٥٧
وقيل تفسير يسومونكم سوء العذاب، ما بعده وهو قوله عز وجل :( يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ( أي يتركونهن أحياء.
وذلك أن فرعون رأى في منامه كأن ناراً أقبلت من بيت المقدس وأحاطت بمصر، وأحرقت كل قبطي بها ولم تتعرض لبني إسرائيل فهاله ذلك، وسأل الكهنة عن رؤياه فقالوا : يولد غلام يكون على يديه هلاكك وزوال ملكك فأمر فرعون بقتل كلا غلام يولد في بني إسرائيل، ووكل بالقوابل فكنّ يفعلن ذلك حتى قتل في طلب موسى اثنى عشر ألفاً وقيل : سبعين الفاً، وأسرع الموت في مشيخة بني إسرائيل فدخل رؤساء القبط على فرعون وقالوا : إن الموت قد وقع ببني إسرائيل فتذبح صغارهم ويموت كبارهم فيوشك أن يقع العمل علينا فأمر فرعون أن يذبحوا سنة ويتركوا سنة، فولد هارون في السنة التي لا يذبح فيها وولد موسى في السنة التي يذبح فيها ) وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ( أي اختيار وامتحان، والبلاء يطلق على النعمة العظيمة وعلى المحنة الشديدة ليختبر الله العبد على النعمة بالشكر، وعلى الشدة بالصبر فإن حمل قوله :( وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ( على صنع فرعون كان من البلاء والمحنة وإن حمل على الإنجاء كان من النعمة.
قوله عز وجل :( وإذ فرقنا بكم البحر ( " أي فصلنا بعضه من بعض وجعلنا فيه مسالك بسبب دخولكم البحر وسمي بحراً لاتساعه.
ذكر سياق القصة
وذلك أنه لما دنا هلاك فرعون، أمر الله موسى عليه الصلاة والسلام أن يسري ببني إسرائيل من مصر بالليل، فأمر موسى قومه أن يسرجوا في بيوتهم السرج إلى الصبح، وأن يستعيروا حلى القبط لتبقى لهم أو ليتبعوهم لأجل المال، وأخرج الله كل ولد زنا كان في القبط من بني إسرائيل إلى بني إسرائيل وكل ولد زنا كان في بني إسرائيل من القبط إلى القبط حتى يرجع كل ولد إلى أبيه وألقى الله الموت على القبط فمات كل بكر لهم فاشتغلوا بدفنهم وقيل : بلغ ذلك فرعون فقال لا أخرج في طلبهم حتى يصيح الديك فما صاح تلك الليلة ديك وخرج موسى في بني إسرائيل وهم ستمائة ألف وعشرون ألفاً لا يعدون ابن عشرين سنة لصغره، ولا ابن ستين سنة لكبره، وكانوا يوم دخلوا مصر مع يعقوب اثنين وسبعين إنساناً ما بين رجل وامرأة فلما أرادوا السير ضرب عليهم التيه فلم يدروا أين يذهبوا فدعا موسى