صفحة رقم ٥٩٣
النساء :( ١٠٤ ) ولا تهنوا في...
" ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما " ( قوله تعالى :( ولا تهنوا في ابتغاء القوم ( سبب نزول هذه الآية أن أبا سفيان وأصحابه لما رجعوا يوم أحد بعث النبي ( ﷺ ) في آثارهم فشكوا من ألم الجراحات فقال الله تعالى ولا تهنوا يعني ولا تضعفوا، ولا تتوانوا في ابتغاء القوم يعني في طلب أبي سفيان وأصحابه ثم أورد عليهم الحجة في ذلك وألزمهم بها فقال تعالى :( إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون ( يعني أن حصول الألم قدر مشترك بينكم وبينهم وليس ما تكابدون من الوجع وألم الجراح مختصاً لكم بل هم كذلك فإذا لم يكن الألم مانعاً لهم عن قتالكم فكيف يكون مانعاً لكم عن قتالهم وكيف لا تصبرون مثل صبرهم مع أنكم أولى بالصبر منهم لأنكم مقرون بالحشر والنشر والثواب والعقاب والمشركون لا يقرون بذلك كله فأنتم أيها المؤمنون أولى بالجهاد منهم وهو قوله تعالى :( وترجون من الله ما لا يرجون ( يعني وتأملون من الله من الثواب في الآخرة ما لا يرجعون وقيل ترجون النصر والظفر في الدنيا وإظهار دينكم على الأديان كلها ) وكان الله عليماً حكيماً ( يعني أنه تعالى لا يأمركم بشيء إلا وهو يعلم أنه مصلحة لكم.
النساء :( ١٠٥ - ١٠٦ ) إنا أنزلنا إليك...
" إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما " ( قوله عز وجل :( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق ( قال ابن عباس نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار يقال له طعمة بن إبيرق من بني ظفر بن الحارث سرق درعاً من جار له يقال له قتادة بن النعمان وكانت الدرع في جراب فيه دقيق فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى داره ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له زيد بن السمين فالتمست الدرع عند طعمة فحلف بالله ما له بها من علم فقال أصحاب الدرع : لقد رأينا اثر الدقيق حتى دخل داره فلما حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق إلى منزل اليهودي فأخذوه فقال اليهودي : دفعها إلي طعمة بن أبيرق زاد في الكشاف وشهد له جماعة من اليهود.
قال البغوي : وجاء بنو ظفر قوم طعمة إلى رسول الله ( ﷺ ) وسألوه أن يجادل عن صاحبهم طعمة فهم رسول الله ( ﷺ ) أن يعاقب اليهودي وأن يقطع يده فأنزل الله هذه الآية وقيل إن زيد بن السمين أودع الدرع عند طعمة فجحده طعمة الله فأنزل هذه الآية :( إنا أنزلنا إليك ( يعني يا محمد الكتاب يعني القرآن بالحق يعني بالصدق وبالأمر والنهي والفصل ) لتحكم بين الناس بما أراك الله ( يعني بما علمك الله وأوحى إليكم وإنما سمي العلم اليقيني رؤية لأنه جرى مجرى الرؤية في قوة الظهور روي عن عمر أنه قال لا يقولن


الصفحة التالية
Icon