صفحة رقم ٦٠٤
بلى قالت فجاؤوا بشيء قالوا نعم فقامت إلى الغرائر ففتحتها فإذا هي ملأى بأجود دقيق يكون حواري فأمرت الخبازين فخبزوا وأطعموا الناس فاستيقظ إبراهيم فوجد ريح الطعام فقال يا سارة من أين لكم هذا ؟ فقالت من عند خليلك المصري فقال هذا من عند خليلي الله قال فيومئذ اتخذه الله خليلاً وقيل لما أراه الله ملكوت السموات والأرض وحاج قومه في الله ودعاهم إلى توحيده ومنعهم من عبادة النجوم النجوم والشمس والقمر والأوثان وبذل نفسه للإلقاء في النيران وبذل ولده للقربان وماله للضيفان اتخذه الله خليلاً وجعله إماماً للناس يقتدي به وجعل النبوة فيه وفي ذريته وقيل إن إبراهيم عليه السلام لما كسر الأصنام وعادى قومه في الله عز وجل اتخذه الله خليلاً وقيل لما دخل عليه الملائكة فظنهم ضيفاً فقرب إليهم عجلاً مشوياً وقال كلوا على شرط أن تسموا الله في أوله وتحمدوه في آخره فقال جبريل أنت خليل الله فمن يومئذ سمي إبراهيم خليل الله ( م ) عن أنس قال :( جاء رجل إلى النبي ( ﷺ ) فقال يا خير البرية فقال رسول الله ( ﷺ ) ذلك إبراهيم خليل الله ).
فصل
وقد اتخذ الله محمداً خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً فقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري عن النبي ( ﷺ ) أنه قال :( لو كنت متخذاً كما اتخذ خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلاً ) وعن ابن مسعود عن النبي ( ﷺ ) :( لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكنه أخي وصاحبي وقد اتخذ الله صاحبكم خليلاً ) أخرجه مسلم ؛ فقد ثبت بهذين الحديثين الخلة للنبي ( ﷺ ) وزاد على إبراهيم عليه السلام بالمحبة ( ﷺ ) خليل الله وحبيبه فقد جاء في حديث عن ابن عباس أن النبي ( ﷺ ) قال :( ألا وأنا حبيب الله ولا فخر ) أخرجه الترمذي بأطول منه.
النساء :( ١٢٦ - ١٢٧ ) ولله ما في...
" ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطا ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما " ( قوله تعالى :( ولله ما في السموات وما في الأرض ( قال أهل المعاني : لما دعا الله الخلق إلى طاعته وعبادته والانقياد لأمره بيّن سعة ملكه ليرغب الخلق إليه بالطاعة له.
وإنما قال ما في السموات وما في الأرض ولم يقل من لأنه ذهب به مذهب الجنس والذي يعقل إذا ذكر وأريد به الجنس ذكر بلفظه ما ) وكان الله بكل شيء محيطاً ( يعني عالماً علم إحاطة وهو العلم بالشيء من كل وجه حتى لا يشذ عنه نوع إلا علمه وقيل يجوز أن يكون معناه محيطاً بالقدرة عليه.
قوله عز وجل :( ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن ( الاية.
قال ابن عباس : نزلت في بنات أم كحة وقد تقدمت قصتهن في أول السورة وقالت عائشة هي اليتيمة تكون في حجر الرجل وهو وليها فيرغب في نكاحها إذا كانت ذات جمال ومال بأقل من سنّة صداقها وإذا كانت غير مرغوب فيها لقلة الجمال والمال تركها، وفي رواية قالت هي اليتيمة تكون في حجر الرجل وقد شركته في ماله فيرغب عنها فلا يتزوجها لدمامتها ويكره أن يزوجها غيره فيدخل عليه ويشركه في ماله فيجسها حتى تموت فنهاهم الله عن ذلك وأنزل هذه الاية فقال ويستفتونك يعني ويستخبرونك يا محمد في شأن النساء وحالهن والاستفتاء طلب الفتوى وهو إظهار ما أشكل من الأحكام الشرعية وكشفه وتبيينه قال المفسرون والذي استفتوه فيه هو ميراث النساء وذلك أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصغار من الأولاد فلما نزلت آية الميراث قالوا : يا رسول الله كيف ترث المرأة والصغير ؟ فأجابهم بهذه الاية :( قل الله يفتيكم فيهن ( يعني قل يا محمد