صفحة رقم ٦١٧
أرناه نره جهرة وذلك ان سبعين من بني إسرائيل خرجوا مع موسى عليه الصلاة والسلام إلى الجبل فقالوا ذلك وقد تقدمت القصة في سورة البقرة ) فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ( يعني بسبب ظلمهم وسؤالهم الرؤية ) ثم اتخذوا العجل ( يعني إلهاً وهم الذين خلفهم موسى مع أخيه هارون حين خرج إلى ميقات ربه ) من بعد ما جاءتهم البينات ( يعني الدلالات الواضحات الدالة على صدق موسى وهي : العصا واليد وفلق البحر وغير ذلك من المعجزات الباهرة ) فعفونا عن ذلك ( يعني عن ذلك الذنب العظيم فلم نستأصل عبدة العجل.
والمقصود من هذا تسلية النبي ( ﷺ ) والمعنى أن هؤلاء الذين يطلبون منك يا محمد أن تنزل عليهم كتاباً من السماء إنما يطلبونه عناداً ولجاجاً فاني قد أنزلت التوراة جملة واحدة على موسى وآتيته من المعجزات الباهرات والآيات البينات ما فيه كفاية ثم إنهم طلبوا الرؤية على سبيل العناد وعبدوا العجل وكل ذلك يدل على جهلهم وأنهم مجبولون على اللجاج والعناد.
وفي قوله فعفونا عن ذلك استدعاء إلى التوبة.
والمعنى أن أولئك الذين أجرموا لما تابوا عفونا عنهم فتوبوا أنتم نعف عنكم ) وآتينا موسى سلطاناً مبيناً ( يعني حجة واضحة تدل على صدقه وهي المعجزات الباهرات التي أعطاها الله عز وجل لموسى عليه السلام قوله عز وجل :( ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم ( يعني ورفعنا فوقهم الجبل المسمى بالطور بسبب أخذ ميثاقهم وذلك أن بني إسرائيل امتنعوا من قبول التوراة والعمل بما فيها فرفع الله فوقهم الطور حتى أظلهم ليخافوا فلا ينقضوا العهد والميثاق ) وقلنا لهم ( يعني والطور يظلهم ) ادخلوا الباب سجداً ( فخالفوا ودخلوا وهم يزحفون على أستاههم ) وقلنا لهم لا تعدوا في السبت ( يعني وقلنا لهم لا تجاوزوا في يوم السبت إلى ما لا يحل لكم فيه.
وذلك أنهم نهوا أن يصطادوا السمك في يوم السبت فاعتدوا واصطادوا فيه، وقيل المراد به النهي عن العمل والكسب في يوم السبت ) وأخذنا منهم ميثاقاً غلظياً ( يعني وأخذنا منهم عهداً مؤكداً شديداً بأن يعملوا بما أمرهم الله به وأن ينتهوا عما نهاهم الله عنه ثم إنهم نقضوا ذلك الميثاق وهو قوله تعالى :( فبما نقضهم ميثاقهم ( يعني فبنقضهم وما مزيدة للتوكيد والمعنى فبسبب نقضهم ميثاقهم لعناهم وسخطنا عليهم وفعلنا بهم ما فعلنا ) وكفرهم بآيات الله ( يعني وبجحودهم بآيات الله الدالة على صدق أنبيائه ) وقتلهم قلوبنا غلف ( يعني وبقولهم على قلوبنا أغطية وغشاوة فهي لا تفقه ما تقول جمع أغلف وقيل جمع غلاف يعني قلوبنا أوعية للعلم فلا حاجة بنا إلى ما تدعونا إليه فرد الله عليهم بقوله :( بل طبع الله عليها بكفرهم ( يعني بل ختم الله على قلوبهم بسبب كفرهم ) فلا يؤمنون إلا قليلاً ( يعني إيمانهم بموسى والتوراة وكفرهم بما سواه من الأنبياء والكتب وقيل لا يؤمنون قليلاً ولا كثيراً وقيل المراد بالقليل هو عبدالله بن سلام وأصحابه والذين آمنوا من اليهود.
النساء :( ١٥٦ - ١٥٨ ) وبكفرهم وقولهم على...
" وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما " ( قوله تعالى :( وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً ( يعني حين رموها بالزنا وذلك أنهم أنكروا قدرة الله تعالى على خلق الولد من غير أب ومنكر قدرة الله كافر.
فالمراد بقوله وبكفرهم هو إنكارهم قدرة الله تعالى والمراد بقولهم على مريم بهتاناً عظيماً هو رميهم إياها بالزنا وإنما سماه بهتاناً عظيماً لأنه قد ظهر عند ولادة مريم من المعجزات ما يدل على براءتها من ذلك فلهذا السبب وصف الله قول اليهود على مريم بالبهتان العظيم.
قوله


الصفحة التالية
Icon