صفحة رقم ٦١٩
إليهم.
فألقى الله شبه عيسى على ذلك الرجل فأخذ وقتل ورفع الله عز وجل عيسى إلى السماء وفقدوا صاحبهم فقالوا : إن كنا قتلنا المسيح فأين صاحبنا ؟ وإن كنا قتلنا صاحبنا فأين المسيح عيسى ؟ فهذا هو اختلافهم فيه وقيل إن الذين اختلفوا فيه هم النصارى فبعضهم يقول إن القتل وقع على ناسوت عيسى دون لاهوته وبعضهم يقول وقع القتل عليهما جميعاً وبعضهم يقول رأيناه قتل وبعضهم يقول رأيناه رفع السماء فهذا هو اختلافهم فيه قال الله تعالى :( ما لهم به من علم ( يعني أنهم قتلوا من قتلوا على شك منهم فيه ولم يعرفوا حقيقة ذلك المقتول هل هو عيسى أو غيره ) إلاّ اتباع الظن ( يعني لكن يتبعون الظن في قتله ظناً منهم أنه عيسى لا عن علم وحقيقة ) وما قتلوه يقيناً ( قال ابن عباس : يعني لم يقتلوا يقيناً فعلى هذا القول تكون الهاء في قتلوه عائدة على الظن.
والمعنى مما قتلوا ذلك الظن يقيناً ولم يزل ظنهم ولم يرتفع ما وقع لهم من الشبه في قتله فهو كقول العرب قتله علماً وقتله يقيناً يعني علمه علماً تاماً.
وأصل ذلك أن القتل للشيء يكون عن قهر واستيلاء وغلبة وكمعنى الآية على هذا لم يكن علمهم بقتل عيسى علماً تاماً كاملاً إنما كان ظناً منهم إنهم قتلوه ولم يكن لذلك حقيقة.
وقيل إن الهاء في قتلوه عائدة على عيسى والمعنى ما قتلوا المسيح يقيناً كما ادعوا أنهم قتلوه وقيل أن قوله يقيناً يرجع إلى ما بعده تقديره وما قتلوه ) بل رفعه الله إليه ( يقيناً والمعنى أنهم لم يقتلوا عيسى ولم يصلبوه ولكن الله عز وجل رفعه إليه وطهره من الذين كفروا وخلصه ممن أراده بسوء وقد تقدم كيف كان رفعه في سورة آل عمران بما فيه كفاية.
وقوله تعالى :( وكان الله عزيزاً ( يعني اقتداره على من يشاء من عباده ) حكيماً ( يعني في إنجاء عيسى عليه السلام وتخليصه من اليهود.
وقيل عزيزاً يعني منيعاً منتقماً من اليهود فسلط عليهم ينطيونس بن اسبسيانوس الرومي فقتل منهم مقتله عظيمة حكيماً حكم باللعنة والغضب على اليهود حيث ادعوا هذه الدعوى الكاذبة.
النساء :( ١٥٩ - ١٦٠ ) وإن من أهل...
" وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا " ( قوله تعالى :( وإن من أهل الكتاب ( يعني وما من أحد من أهل الكتاب ) إلاّ ليؤمنن به ( يعني بعيسى عليه السلام وأنه عبدالله ورسوله وروحه وكلمته هذا قول ابن عباس وأكثر المفسرين وقال عكرمة في قوله إلاّ ليؤمنن به يعني بمحمد ( ﷺ ) وهذا القول لا وجه له لأنه لم يجر للنبي ( ﷺ ) ذكر قبل هذه الآية حتى يرجع الضمير إليه وقول الأكثرين الأولى لأنه تقدم ذكر عيسى عليه السلام فكان عود الضمير إليه أولى ) قبل موته ( اختلف المفسرون في هذا الضمير إلى من يرجع ؟ فقال ابن عباس وأكثر المفسرين إن الضمير يرجع إلى الكتابي والمعنى وما من أحد من أهل الكتاب إلاّ آمن بعيسى قبل موت ذلك الكتابي ولكن يكون ذلك الإيمان عند الحشرجة حين لا ينفعه إيمانه قال ابن عباس : معناه إذا وقع في اليأس حين لا ينفعه إيمانه سواء احترق أو تردى من شاهق أو سقط عليه جدار أو أكله سبع أو مات فجأة فقيل له أرأيت إن خر من فوق بيت قال : يتكلم به في الهواء فقيل له أرأيت إن ضربت عنقه قال يتلجلج


الصفحة التالية
Icon