صفحة رقم ٧٥
أي ينزل من أعلى الجبل إلى أسفله، وخشيتها عبارة عن انقيادها لأمر الله وأنها لا تمتنع عما يريد منها، وقلوبكم يا معشر اليهود لا تلين ولا تخشع.
فإن قلت : الحجر جماد لا يعقل ولا يفهم فكيف يخشى ؟ قلت : إن الله تعالى قادر على إفهام الحجر والجمادات فتعقل وتخشى بإلهامه لها، ومذهب أهل السنة إن الله تعالى أودع في الجمادات والحيوانات، علماً وحكمة لا يقف عليهما غيره فلها صلاة وتسبيح وخشية يدل عليه قوله :( وإن من شيء إلا يسبح الله بحمده ( " وقال تعالى :( والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه ( " فيجب على المرء الإيمان به وبكل علمه إلى الله تعالى ( م ) عن جابر بن سمرة قال، قال رسول الله ( ﷺ ) :( إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم عليّ قبل أن أبعث، وإني لأعرفه الآن ) عن علي قال كنت مع رسول الله ( ﷺ ) بمكة فخرجنا إلى بعض نواحيها فما استقبله شجر ولا جبل إلا وهو يقول السلام عليكم يا رسول الله ( ﷺ ) أخرجه الترمذي.
وقال حديث غريب
( خ ) عن جابر بن عبدالله قال ( كان في مسجد رسول الله ( ﷺ ) جذع في قبلته يقوم إليه رسول الله ( ﷺ ) في خطبته فلما وضع المنبر سمعنا للجذع حنيناً مثل صوت العشار حتى نزل رسول الله ( ﷺ ) فوضع يده عليه، وفي رواية : صاحت النخلة صياح الصبي فنزل ( ﷺ ) حتى أخذها فضمها إليه فجعلت تئن أنين الصبي الذي لا يسكت حتى استقرت.
قال : بكت على ما كانت تسمع من الذكر ) قال مجاهد : ما ينزل حجر من أعلى إلى أسفل إلا من خشية الله وذلك يشهد لما قلنا ) وما الله بغافل عما تعملون ( فيه وعيد وتهديد والمعنى أن الله بالمرصاد لهؤلاء القاسية قلوبهم وحافظ لأعمالهم حتى يجازيهم بها في الآخرة.
البقرة :( ٧٥ - ٧٦ ) أفتطمعون أن يؤمنوا...
" أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون " ( قوله عز وجل :( أفتطمعون ( خطاب للنبي ( ﷺ ) لأنه هو الداعي إلى الإيمان وإنما ذكره بلفظ الجمع تعظيماً له، وقيل : هو خطاب للنبي ( ﷺ ) وأصحابه لأنهم كانوا يدعون إلى الإيمان أيضاً ومعنى أفتطمعون أفترجعون ) أن يؤمنوا لكم ( أي يصدقكم اليهود بما تخبرونهم وقيل : معناه أفتطمعون أن يؤمنوا لكم مع أنهم لم يؤمنوا بموسى عليه الصلاة والسلام وكان هو سبب في خلاصهم من الذل وظهور المعجزات على يده ) وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ( قيل المراد بالفريق : هم الذين كانوا مع موسى يوم الميقات، وهم الذين سمعوا كلام الله تعالى، وقيل المراد بهم : الذي كانوا في زمن النبي ( ﷺ )، وهو الأقرب لأن الضمير راجع إليهم في أفتطمعون أن يؤمنوا لكم، فعلى هذا يكون معنى يسمعون كلام الله يعني التوراة، لأنه يصح أن يقال لمن يسمع التوراة يسمع كلام الله ) ثم يحرفونه ( أي يغيرون كلام الله، ويبدلونه فمن فسر الفريق الذين يسمعون كلام الله بالفريق الذين كانوا مع موسى عليه السلام استدل بقول ابن عباس رضي الله عنهما إنها نزلت في السبعين الذين اختارهم موسى لميقات ربه، وذلك لأنهم لما رجعوا إلى قومهم بعد ما سمعوا كلام الله أما الصادقون منهم فإنهم أدوا كما سمعوا وقالت طائفة منهم : سمعنا الله يقول في آخر كلامه إن استطعتم أن تفعلوا فافعلوا وإن شئتم فلن تفعلوا، فكان هذا تحريفهم ومن فسر الفريق الذين كانوا يسمعون كلام الله بالذين في زمن النبي صلى الله