صفحة رقم ٧٨
في أمر فأقسم ليعذبنهم أربعين يوماً تحلة القسم فقال الله رداً عليهم وتكذيباً لهم ) قل ( أي يا محمد لليهود ) أتخذتم عند الله عهداً ( أي موثقاً أن لا يعذبكم إلا هذه المدة ) فلن يخلف الله عهده ( أي وعده ) أم تقولون على الله ما لا تعلمون بلى ( إثبات لما بعد حرف النفي وهو قوله : لن تمسنا النار والمعنى بلى تمسكم النار أبداً ) من كسب سيئة ( السيئة اسم يتناول جميع المعاصي كبيرة كانت أو صغيرة، والسيئة هنا الشرك في قول ابن عباس ) وأحاطت به خطيئته ( أي أحدقت به من جميع جوانبه قال ابن عباس : هي الشرك يموت عليه صاحبه وقيل : أحاطت به أي أهلكته خطيئته وأحبطت ثواب طاعته فعلى مذهب أهل السنة يتعين تفسير السيئة والخطيئة في هذه الآية، بالكفر والشرك لقوله تعالى :( فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( فإن الخلود في النار هو للكفار والمشركين.
البقرة :( ٨٢ - ٨٤ ) والذين آمنوا وعملوا...
" والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون " ( ) والذين آمنوا وعملوا الصالحات (.
فإن قلت : العمل الصالح خارج عن اسم الإيمان لأنه تعالى قال :( والذين آمنوا وعملوا الصالحات ( فلو دل الإيمان على العمل الصالح لكان ذكر العمل الصالح بعد الإيمان تكراراً.
قلت : أجاب بعضهم بأن الإيمان وإن كان يدخل فيه جميع الأعمال الصالحة إلا أن قوله : آمن لا يفيد إلا أنه فعل فعلاً واحداً من أفعال الإيمان فإذا حسن أن يقول : والذين آمنوا وعملوا الصالحات وقيل : إن قوله آمنوا يفيد الماضي وعملوا الصالحات يفيد المستقبل فكأنه تعالى قال آمنوا أولاً ثم داموا عليه آخراً ويدخل فيه جميع الأعمال الصالحات ) أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ( قوله عز وجل :( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل ( يعني في التوراة.
والميثاق العهد الشديد ) لا تعبدون إلا الله ( أي أمر الله تعالى بعبادته فيدخل تحته النهي عن عبادة غيره لأن الله تعالى هو المستحق للعبادة لا غيره ) وبالوالدين إحساناً ( أي براً بهما ورحمة لهما ونزولاً عند أمرهما فيما لا يخالف أمر الله تعالى ويوصل إليهما ما يحتاجان إليه، ولا يؤذيهما البتة وإن كانا كافرين بل يجب عليه الإحسان إليهما ومن الإحسان إليهما أن يدعوهما إلى الإيمان بالرفق واللين، وكذا إن كانا فاسقين يأمرهما بالمعروف بالرفق، واللين من غير عنف وإنما عطف بر الوالدين بر الوالدين على الأمر بعبادته، لأن شكر المنعم واجب، ولله على عبده أعظم النعم لأنه هو الذي خلقه وأوجده بعد العدم فيجب تقديم شكره على شكر، غيره ثم إن للوالدين على الولد نعمة عظيمة، لأنهما السبب في كون الولد ووجوده ثم إن لهما عليه حق التربية أيضاً فيجب شكرهما ثانياً ) وذي القربى ( أي القرابة لأن حق القرابة تابع لحق الوالدين والإحسان إليهم : إنما هو بواسطة الوالدين فلهذا حسن عطف القرابة على


الصفحة التالية
Icon