صفحة رقم ٨١
والقدس هو الله تعالى وأضاف روح عيسى إليه تشريفاً وتكريماً وتخصيصاً له كما تقول عبدالله وأمة الله وبيت الله وناقة الله وقال ابن عباس هو اسم الله الأعظم الذي كان عيسى يحيي به الموتى وقيل هو الإنجيل لأنه حياة القلوب سماه روحاً كما سمى القرآن روحاً وقيل هو جبريل ووصف بالقدس وهو الطهارة لأنه لم يفترق ذنباً قط وقيل القدس هو الله تعالى والروح جبريل كما تقول عبدالله، سمي جبريل روحاً للطافته لأنه روحاني خلق من النور وقيل سمى روحاً لمكانه من الوحي الذي هو سبب حياة القلوب وحمل روح القدس هنا على جبريل أولى لأنه تعالى قال وأيدناه أي قويناه بجبريل وذلك أنه أمر أن يكون مع عيسى ويسير معه حيث سار فلم يفارقه حتى صعد به إلى السماء فلما سمعت اليهود بذكر عيسى قالوا يا محمد لا مثل عيسى كما تزعم علمت ولا كما يقص علينا من أخبار الأنبياء فعلت فأتنا بما أتى به عيسى إن كنت صادقاً قال الله تعالى :( أفكلما جاءكم ( يعني يا معشر اليهود ) رسول بما لا تهوى ( تقبل ) أنفسكم استكبرتم ( أي تعظمتم عن الإيمان به ) ففريقاً كذبتم ( يعني مثل عيسى ومحمد ( ﷺ ) ) وفريقاً تقتلون ( يعني مثل زكريا ويحيى وسائر من قتلوه، وذلك أن اليهود كانوا إذا جاءهم رسول بما لا يهوون كذبوه فإن تهيأ لهم قتلوه وإنما كانوا كذلك لإرادتهم الدنيا وطلب الرياسة ) وقالوا ( يعني اليهود ) قلوبنا غلف ( جمع أغلف وهو الذي عليه غشاوة فلا يعي ولا يفقه.
قال ابن عباس غلف بضم اللام جمع غلاف والمعنى أن قلوبنا أوعية للعلم فلا تحتاج إلى علمك وقيل أوعية من الوعي لا تسمع حديثاً إلى وعته إلا حديثك فإنها لا تعيه ولا تعقله ولو كان خيراً لفهمته ووعته قال الله تعالى :( بل لعنهم الله بكفرهم ( أي طردهم وأبعدهم من كل خير.
وسبب كفرهم أنهم اعترفوا بنبوة محمد ( ﷺ ) ثم إنهم أنكروه وجحدوه فلهذا لعنهم الله تعالى :( فقليلاً ما يؤمنون ( أي لم يؤمن منهم إلا قليل لأن من آمن من المشركين كان أكثرهم منهم.
البقرة :( ٨٩ - ٩٠ ) ولما جاءهم كتاب...
" ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباؤوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين " ( قوله عز وجل :( ولما جاءهم كتاب من عند الله ( يعني القرآن ) مصدق لما معهم ( يعني التوراة وهذا التصديق في صحة نبوة